المنحة الوهبية في رد الوهابية - الطحطاوي - الصفحة ٣٥
عبد العزيز فقال لي بعض الذين معهم ناولني يدك يا عمير فناولته يدي فأردفني ثم سرنا يسيرا ثم قذف بي قذفة وقعت قرب منزلي بالجزيرة من غير أن يلحقني شئ وذكر ابن الجوزي بسنده عن أبي علي البربري وهو أول من سكن طرسوس عن ثلاث إخوة من الشام كانوا يغزون فأسرهم الروم فجرى عليهم كما جرى على عمير المتقدم ذكره فقتل اثنان وبقي الآخر ثم إن واحدا من كبار الروم تجعل ابنته تغويه فهداها الله وأسلمت وشردت هي وهو فبينما هما كامنان بالنهار إذ سمعا وقع خيل فإذا هو بأخويه المقتولين ومعهما ملائكة فسلم عليهما وسألهما عن حالهما فقالا له إن الله أرسلنا إليك لنشهد تزويجك بهذه الفتاة فزوجوه إياها ورجعوا وخرج إلى بلاد الشام فأقام معها وكانوا مشهورين بذلك معروفين بالشام في الزمان الأول وهذا باب واسع فيه للسلف كتب مؤلفة ككتاب ابن أبي الدنيا فيمن عاش بعد الموت وكتابه في كرامات الأولياء وكتاب القبور وكتاب أبي نعيم المسمى بالحلية وصفة الصفوة لابن الجوزي وعيون الحكايات له وغير ذلك فهذا من حيث النقل عن المحدثين وأهل الأثر وأما من العلماء من كل مذهب فأحسن من ذكر كرامات الأولياء بعد الموت ابن تيمية وابن القيم وأما إنكار بعض الحنفية طي المسافة من نوع الكرامة فقد رده أئمة الحنفية في كتب الفقه وكتب العقايد بمسألة ما لو تزوج مغربي مشرقية فسافر عنها مدة بعيدة فحملت بعد غيبته بأكثر من مدة الحمل قالوا يلحق به النسب لاحتمال إتيانه إليها بطي المسافة من باب الكرامة وأطبق على هذا الفقهاء كما في الدار وغيره وكما في كتب العقايد وذكره صاحب الوهبانية بأن طي المسافة من جملة الكرامات التي يجب اعتقادها وأنه نصره النسفي فهو المعول عليه في هذه المطالب وأجمع عليه من بعده من الحنفية في مصنفاتهم كما في الفقه الأكبر والسواد الأعظم ووصية أبي يوسف للإمام الأعظم وفي شروح هذه الكتب وفي النسفية وشروحها وفي المواقف والمقاصد وشروحهما وغير ذلك من كتب الأئمة الحنفية وغيرهم كيف وقد وردت به الآية التي هي عمدة استدلال أهل السنة على وجوب اعتقاد الكرامة وهي قصة إتيان عرش بلقيس من المكان البعيد في طرفة عين فإن هذا من طي المسافة كما لا يخفى على منصف وفي شرح السواد الأعظم المنسوب للإمام الأعظم رضي الله
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 » »»