المنحة الوهبية في رد الوهابية - الطحطاوي - الصفحة ٣٣
أجراه تعالى على يد نبيه أو وليه كرامة له بخرق العادة ثم إنما تنسب المعجزة أو الكرامة لنبي ظاهر أو ولي معلوم اتباعه للنبي المعصوم صلوات الله عليه وهؤلاء لا يمكن الشيطان أن يتصور بصورهم أما الأنبياء فمعلوم لمكان العصمة ولقوله تعالى إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وأما الأولياء فللإرث للأنبياء كما ورد في سيدنا عمر وابن مسعود وغيرهما وأما قول الأوشى في بدء الأمالي كرامات الولي بدار دنيا * لها كون فهم أهل النوال فليس مما يتعلق به ذو فهم لأن مقصوده أن كرامات الأولياء ظهورها وكونها يكون بدار دنيا وهو كذلك لأن دار الآخرة ليست محل خلاف بيننا وبين المعتزلة لأنهم ينكرون وجود الكرامة في الدنيا لأنها تشبه المعجزة من جبهة خرق العادة فيشتبه الولي بالنبي عندهم وأهل السنة والجماعة يثبتونها في دار الدنيا ولا اشتباه لأن المعجزة إنما تكون من النبي مقرونة بالتحدي وهي ادعاء النبوة والولي لا يتحدى بل لو تحدى لخرج عن ولاية الله فقوله بدار دنيا متعلق بكون فيكون المعنى كرامات الولي لها كون بدار دنيا ثم فرع على ذلك قوله فهم أهل النوال يعني أهل العطاء لمن يسألهم ويطلب منهم تشفعا وعديم الفهم ظن أن بدار دنيا حالا من الولي أي كرامات الولي حال كونه بدار دنيا لهم كون أي لها وجود ففهم عديم الفهم أن الولي إذا انتقل إلى الدار البرزخية لا يكون بدار دنيا فلا يكون له كرامة وهذا خطأ فإن العلماء الكمل كالنجاري الحنفي شارح بدء الأمالي والشيخ أحمد محشي الأشباه الحنفي في رسالة له ذكرا ما ذكرته وقالوا بناء على فهم من فهم خلافه أن الولي ما دام لم يصل إلى الآخرة وهي ما بعد القيامة فهو بدار دنيا فتكون كراماته موجودة وهذا كله لإرخاء العنان وإلا فالواقع من كرامات الأولياء بعد موتهم شئ لا يحصي وأجمع عليه العلماء فلننقل لك ما هو ثابت بالسنة الصحيحة منها ما في البخاري أن عاصما الصحابي كان عاهد الله في الدنيا أن لا يمس مشركا ولا يمسه مشرك فلما قتلة الكفار أرادوا أن يأخذوا الشته فحماها الدبر أي الزنابير فما قدروا على الوصول إليه وهذه لا شك أنها كرامة من الله تعالى لهذا الولي بعد موته وكذلك حديث خبيب لما صلبه الكفار بعد قتله ذهب إليه بعض الصحابة
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 » »»