المنحة الوهبية في رد الوهابية - الطحطاوي - الصفحة ٢٦
الصحيحات أما الآيات فمنها قوله تعالى ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم فقد ذكر المفسرون وذكره البخاري أن الكفار استعجلوا العذاب فقال تعالى ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم يعني حلول ذات النبي صلى الله عليه وسلم مانعة من نزول العذاب على الكفار ولا يمكن أن يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم نفعهم بجاهه ولا بدعائه ولا بشفاعته لأن هذه الأشياء لا تكون للكفار وقال بعض السلف في قوله تعالى وما كان الله ليعذبهم وهم يستغفرون أن معناه ما كان ليعذبهم وفي أصلابهم من يستغفر يعني من قدر الله أن يخرج من صلب الكافر من يستغفر وهو الذي مكتوب أنه يؤمن بالله بعد خروجه من صلب الكافر فجعل الله بقدرته وإرادته وجود النطف المؤمنة في أصلاب الكفار أسبابا لدفع العذاب عنهم ومنها قوله تعالى ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض قال المفسرون من السلف لولا أن يدفع الله بالمؤمن عن الكافر وبالطايع عن العاصي لفسدت الأرض فوجود ذوات هؤلاء مانعة من وجود الفساد وقال تعالى إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ولا يخفى على مسلم أن السعادة للذوات لا للأعمال ولهذا ورد في الحديث السعيد في بطن أمه والشقي في بطن أمه فليس للأعمال دخل في السعادة إلا بحسب الدلالة ظاهرا لا حقيقة لقوله صلى الله عليه وسلم إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار وحتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها وليس الدخول للعمل بل للدلالة كما صرح صلى الله عليه وسلم به في قوله لن يدخل أحد الجنة بعمل قالوا حتى أنت يا رسول الله قال حتى أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته فدخول الجنة قطعا ليس بالأعمال بل بالسعادة السابقة الأزلية وهي بحسب الذوات فاصطفاء ذات نبينا صلى الله عليه وسلم وتفضيلها على جميع الرسل إنما هو باعتبار ذاته الشريفة كما لا يخفى على مؤمن وكذلك الرسل والأنبياء والأولياء فالجاه وغيره إنما هو تبع للذات وليس الذات تابعة للجاه على أنا لو طالبنا المنكر اعتبار الذات بدليل واحد ولو ضعيفا لم يجد إلى ذلك سبيلا فقول هذا المدعي غير معقول ولا يمكن أن يذكر سببا فضلا عن دليل بل الأدلة المتوافرة المتواترة ناهضة على خلاف ما يدعيه أهل الدعاوى الباطلة ففي الحديث
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»