مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦١ - الصفحة ١١
ثم يأتي دور " الاحتفاظ " بالكتب والإبقاء عليها عن طرق التحقيق والطبع والنشر.. وقد تكون هذه المرحلة أشد خطورة من غيرها وأكبر أهمية.. فكما إنه لا مجال لإنكار ما للمطابع ووسائل الطباعة من دور أساس في الاحتفاظ بالكتب وبث العلوم ونشر المعارف.. كذلك أيضا لا مندوحة من الخشية عليها من المدعين وغير ذوي الكفاءة والمروءة..
تماما بنفس درجة الخوف عليها من الأعداء والمخالفين في الأدوار السابقة.. إذ إن الخشية - اليوم - تكمن في وقوعها تحت طائلة التحريف لمتونها أو البتر والإضافة وعدم مراعاة الأمانة الأخلاقية والعلمية في ذلك.
ولقد كان تحريف النصوص في كتب غيرنا شائعا وسائدا منذ القرون الأولى حتى يومنا هذا.. فكم من حديث ينقل عن بعض الكتب في المصادر المعتبرة وأنت لا تجده في الكتاب المنقول عنه أصلا، أو قد تجده بلفظ آخر، وكم من واقعة أو إشارة تاريخية وقضية عقائدية دينية حاولوا كتمانها أو التعتيم عليها أو مسخها وتزييفها.. ثم جاء الناشرون - ويا بئس ما فعلوا - فزادوا ونقصوا كما شاؤوا وشاءت أهواؤهم ومصالحهم ونظراتهم الضيقة، وتزلفهم لهذا أو ذاك، وتعصبهم لرأي أو موقف، وإصرارهم على نسبة الفضل إلى أحد وغمط حق آخر، بعيدا عن الخوف من الله، والحق والمروءة وما تقتضيه الأمانة.
أما كتبنا، فقد وصلت إلينا - والحمد لله - خالية من كل تصرف مشين، أو تلاعب مخل، بفضل جهود كبار محدثينا وعلمائنا المخلصين، الأبرار الأتقياء، الذين لا يخافون في الله لومة لائم، ويبلغون رسالات الله على مر القرون السالفة والأيام الماضية.. إلا إننا نرى - اليوم - بعض دور النشر أو مؤسسات التحقيق أو الأفراد ممن يتولون أمر مقابلة الكتاب ومراجعته قبل
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست