مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٣ - الصفحة ٩
بل هي مجموعة عقده ومشاكله المتأصلة المستعصية!
بل هي داؤه الكبير الذي عجز عن معالجته فهرب عدواه - حانقا حاقدا - إلى الآخرين!
وتقدم (الحداثة) نفسها على أنها إشكالية تستعصي على الحل!
ولكنها تقود إلى الإبداع! من خلال التميز والفرادة، وتأكيد العابر والمؤقت وانبثاق الأشياء بصورة جديدة عشوائية!! معتمدة على التخطي والتجاوز المنفصل عن حركة التاريخ والمجتمع!!
وهي ليست نهائية أو جازمة، بل هي طور من العلاقات الغامضة والمتداخلة في لعبة خفية!!
وهي استجابة آنية للقفز على الثوابت!! في مراوغة زئبقية متغيرة الوجوه والدلالات!!
ولقد ظهر جليا من كل ذلك أنها - حيث انتشرت في أوروبا قبيل نهاية القرن الميلادي الماضي - كانت تتصدر قائمة صرعات الخواء الروحي، والعنف الموجه للآخر، وتكريس العزلة والأنانية، واندثار المثل والقيم، حتى وصفها كتاب أوروبا: بالشيطانية، والمثالية الزائفة، والهلوسة والعبثية.
كما لا تنكر (الحداثة) أنها ولدت في أحضان الشذوذ والانحطاط، وأن للحركات الهدامة المشبوهة كالماسونية والصهيونية يدا في تبلورها..!
ولقد اكتسحت صرعات الحداثة الموقوتة مجمل الواقع الثقافي الأوروبي لنصف قرن قبل أن يبدأ انحسارها، ناشئة مع صعود (هيراكليت)
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 5 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست