مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٨ - الصفحة ٢٧٢
وأما عدم وجدانه (رحمه الله) الفصل - إلا شاذا - فلا يدل على عدم وجوده كثيرا، على أنني أرى أن كلامه هذا إلى طغيان القلم أقرب منه إلى زلة القدم، والمعصوم من عصمه الله تعالى، فإن الأدعية المأثورة والأحاديث المشهورة قد تضمنت الفصل، وحسبك من ذلك قول زين العابدين وسيد الساجدين عليه الصلاة والسلام في الصحيفة المباركة - زبور آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) -: " فصل عليهم وعلى الملائكة الذين من دونهم " وقوله (عليه السلام): " فصل عليهم وعلى الروحانيين من ملائكتك " وقوله (عليه السلام):
" وصلى الله عليه وعلى آله " وغير ذلك مما يقف عليه المتتبع في مطاوي الأدعية الشريفة.
فظهر أن الاحتياط المذكور لا محل له في المقام، وأنه لا وجه لأولوية الترك، إذ لم يقم دليل على ذلك سوى حديث منكر، آثار الوضع تلوح عليه بوضوح، وريح الاختلاق منه تفوح، مضافا إلى استعمال العرب العرباء ومعاشر النحاة والأدباء لكلا الوجهين - كما سنبينه إن شاء الله تعالى -.
هذا، وقد اجتهد بعضهم (1) في الاعتماد على ذلك الحديث المنحول مستندا إلى قاعدة التسامح في أدلة السنن والكراهة، وأن وجوده في كتب الإسماعيلية غير قادح فيها، لأنها ليست بأقل اعتبارا من كتب الواقفية - بني فضال - ونظائرهم الذين ورد عنهم (عليهم السلام) في حق كتبهم " خذوا ما رووا ودعوا ما رأوا ".
وفيه: أن العلماء رحمهم الله تعالى إنما بنوا الأمر على التسامح في

(1) هو الشيخ باقر بن أحمد بن خلف، وتجد كلامه هذا في ص 23 - 24 من رسالته " المزايا والأحكام لاسم نبي الإسلام " المطبوعة في النجف الأشرف.
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست