مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٨ - الصفحة ٢٧٨
محمد بن يزيد المبرد قد رد هذه القراءة، وأنه قال: لا تحل القراءة بها -: وهذا القول غير مرضي من أبي العباس، لأنه قد رواها إمام ثقة، ولا سبيل إلى رد نقل الثقة، ثم ذكر بعض من قرأ بها وقال: وإذا صحت الرواية لم يكن سبيل إلى ردها. انتهى.
وبالغ أبو حيان الأندلسي في الرد على ابن عطية إذ رد قراءة حمزة (1) وقال في " البحر المحيط " (2): لسنا متعبدين بقول نحاة البصرة ولا غيرهم ممن خالفهم، فكم حكم ثبت بنقل الكوفيين من كلام العرب لم ينقله البصريون! وكم حكم ثبت بنقل البصريين لم ينقله الكوفيون!
قال: وإنما يعرف ذلك من له استبحار في علم العربية لا أصحاب الكنانيس، المشتغلون بضروب من مبادئ العلوم، الآخذون عن الصحف دون الشيوخ. انتهى.
وبالجملة: فكلامهم في هذا المعنى يدل على اتفاقهم على قبول قراءة حمزة ورد ما يعارضها من الأقيسة، وقد وردت من الشواهد المصححة لتلك القراءة ما لا يبقى معها ريب في جواز العطف على النحو المذكور، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وأما قول الإمام الرضي (رضي الله عنه) (3): إن الظاهر أن حمزة جوز ذلك بناء على مذهب الكوفيين - لأنه كوفي - ولا نسلم تواتر القراءات، فعندي غير مرضي، لأنا نمنع أن يكون حمزة قد قرأ بذلك متابعة لمذهب الكوفيين، فإن القراءة سنة متبعة - كما هو مشهور - لا يتصرف فيها بقواعد العربية

(1) النهر الماد - المطبوع بهامش " البحر المحيط " - 3 / 156.
(2) البحر المحيط 3 / 159، النهر الماد 3 / 157.
(3) شرح الكافية 1 / 320.
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست