مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٨ - الصفحة ٢٩٣
آراء وأقوال، مع أنهم قرروا في أصول النحو أن اللغات - على اختلافها - كلها حجة، بل صرحوا: أنه إذا قلت إحدى اللغتين جدا وكثرت الأخرى جدا، وإن كان الواجب في مثل ذلك استعمال ما هو أقوى قياسا وأشيع رواية، إلا أنه - مع ذلك - لو استعمله إنسان لم يكن مخطئا لكلام العرب، فإن الناطق على قياس لغة من لغات العرب مصيب غير مخطئ، لكنه يكون مخطئا لأجود اللغتين، فإن احتاج لذلك في شعر أو سجع فإنه غير ملوم ولا منكر - كما قال ابن جني في " الخصائص " (1) -.
وحكى السيوطي في " الاقتراح " (2) عن أبي حيان في " شرح التسهيل " أنه قال: كل ما كان لغة لقبيلة قيس عليه. انتهى.
والظن بقطرب أنه لم يحك ذلك إلا عن فصيح، فلا ينبغي رد حكايته، مع أن الأعرابي إذا قويت فصاحته وسمت طبيعته تصرف وارتجل ما لم يسبق إليه، فقد حكي عن رؤبة وأبيه أنهما كانا يرتجلان ألفاظا لم يسمعاها ولا سبقا إليها، والله أعلم.
وممن اختار جواز العطف على الوجه المقرر آنفا الشيخ الإمام جمال الدين ابن هشام الأنصاري في " أوضح المسالك " (3) حيث قال: لا يكثر العطف على المخفوض إلا بإعادة الخافض، حرفا كان أو اسما، وليس - يعني عود الخافض - بلازم، وفاقا ليونس والأخفش والكوفيين. انتهى.
وظاهره صحة العطف مع عدم إعادة الخافض وإن كان مع الإعادة أكثر، كما تقدم في كلام أبي حيان، وقد جرى عليه في بعض كتبه.

(1) الخصائص النحوية 2 / 10، الاقتراح: 186.
(2) الاقتراح: 186.
(3) أوضح المسالك بشرح الأزهري 2 / 151.
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»
الفهرست