مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٣ - الصفحة ٢٧٩
الدكتور محمد عمارة أدرك هذا التحريف، لكنه لا يريد أن يفرط بذاك النص المحرف، لأنه كان عمدته في ما أراد، فلفق بين النصين باعتماد الأصل المحرف أساسا للعهد، فقال: كتب الحسن في العهد: (ليس لمعاوية أن يعهد لأحد من بعده - أي من بعد الحسن - وأن يكون الأمر شورى) (254).
فأدخل عبارة (أي من بعد الحسن) لكي لا يقع في لائمة ترك النص الصحيح.. وارتضى هذا النوع من تدليس الأخبار على ما فيه من بعد ونكارة لا ترتضيها لغة العرب!
والأكثر غرابة أن نرى هذا النص المحرف (ليس لمعاوية أن يعهد لأحد من بعده، بل يكون الأمر بعده شورى) يتسرب إلى مصادر شيعية معاصرة!
لقد تناقله كتاب جيدون لهم منازل مرموقة في البحث والمعرفة، لكني لا أشك في أنهم نقلوه غفلة، عن حسن قصد وحسن ظن حين رأوا كثرة من تناوله من كتاب معاصرين خاصة، ومن هؤلاء السادة: الشيخ محمد جواد مغنية، والدكتور حسن عباس حسن، ولجنة التأليف في مؤسسة البلاغ (255).
كما وردت عند بعضهم زيادة أخرى على النص لم نعثر لها على مصدر أسبق من النسابة ابن عنبة الحسني (828 ه‍) جعل الشرط فيه: أن للحسن ولاية الأمر بعد معاوية، فإن حدث به حدث فللحسين (256).
وهذا ليس مما يستنكر، لكنه صح أو لم يصح ليس فيه مزيد أثر على ما نحن فيه.

(٢٥٤) د. محمد عمارة / المعتزلة وأصول الحكم: ٤٧.
(٢٥٥) محمد جواد مغنية / الشيعة والحاكمون: ٧٠ - ٧١، د. حسن عباس حسن / الفكر السياسي الشيعي: ٣٣٧، مؤسسة البلاغ / سيرة رسول الله وأهل بيته ٢ / ٣٤.
(٢٥٦) عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: 67.
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 » »»
الفهرست