مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٣ - الصفحة ٢٧٥
ويلحظ المتتبع لتأويلات ابن تيمية في هذا القسم من الحديث أنه قد تأثر كثيرا بطريقة القاضي عبد الجبار المعتزلي في كتابه (المغني) وأخذ عنه كثيرا من تأويلاته.. لكن الفارق يبقى كبيرا بين الطرفين، فمنزلة علي عند المعتزلة هي أسمى منها بكثير عند ابن تيمية!
فحين لا يريد ابن تيمية لحديث (من كنت مولاه فعلي مولاه) أن يتجاوز حدود المحبة التي يشاركه فيها جميع المسلمين، فلا مزية فيه لعلي على أحد! (241).. يرى فيه المعتزلة لعلي منزلة لا يشاركه فيها أحد، فإذا أوجب النبي (ص) موالاته (ع) ولم يقيده بوقت فيجب أن يكون باطنه كظاهره في سائر الأوقات، وهذه منزلة عظيمة تفوق منزلة الإمامة (242)، ويختص بها هو دون غيره (243).
ويبالغ ابن تيمية فينكر الشطر الثاني من الحديث (اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه) (244) لأنها قادحة بلا شك بمبدأ (عدالة الصحابة)! ولأنها ستلزمه قطعا البراءة من رجال دخلوا في عداد الصحابة لم يتورعوا في إظهار بغضهم لعلي وعدائهم له ومحاربتهم إياه، فيما لم يتردد المعتزلة في القول بهلاك هؤلاء! (245).

(٢٤١) منهاج السنة ٤ / ٨٧ - ٨٨، (٢٤٢) لأن الإمامة عندهم منزلة سياسية يجوز فيها تقدم المفضول على الفاضل.
(٢٤٣) المغني ٢٠ / ق ١: ١٤٦، عنه: الشافي ٢ / ٢٨٣.
(٢٤٤) منهاج السنة ٤ / ٨٧. لكن الذهبي يقر لهذا الشطر بقوة الإسناد كما في البداية والنهاية ٥ / ٢٣٣، وهي في سنن ابن ماجة ١ / 43 رقم 116، وسنن النسائي في ثمان طرق: ج 5 ح 8473 و 8478 و 8479 و 8480 و 8481 و 8483 و 8484 و 8542، ومسند أحمد في سبع طرق 1 / 119 ثلاث مرات و 152، و 4 / 281 و 370 و 372 مرتان.
(245) تقدم آنفا عن البلخي وابن أبي الحديد، راجع صفحة 272 - 273.
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 » »»
الفهرست