مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٣ - الصفحة ١٣٤
فأما قوله: (ذهب الشيعة...).
فقد بينا لك زيفه فيما سلف (123).
وأما قوله: (إن المراد من هذا الأتقى أفضل الخلق...).
فإنا ذكرنا فيما مضى أن (أفعل) هنا ليست للتفضيل، ولا بأس أن نورد في هذا المقام كلام سيدنا الشريف العلامة الطباطبائي رحمه الله، في رد شبهة الرازي ومن قلده في ذلك، ليسفر الصبح لذي عينين، وينكشف عن قلبك الرين، وإنه والله لنفيس، فاشدد به يديك، وعض عليه بناجذيك.
قال - أجزل الله مثوبته - (124): المراد ب‍ (الأتقى) من هو أتقى من غيره ممن يتقي المخاطر، فهناك من يتقي ضيعة النفوس كالموت والقتل، ومن يتقي فساد الأموال، ومن يتقي العدم والفقر فيمسك عن بذل المال وهكذا، ومنهم من يتقي الله فيبذل المال، وأتقى هؤلاء الطوائف من يتقي الله فيبذل المال لوجهه، وإن شئت فقل: يتقي خسران الآخرة فيتزكى بالإعطاء.
فالمفضل عليه للأتقى هو من لا يتقي بإعطاء المال وإن اتقى سائر المخاطر الدنيوية أو اتقى الله بسائر الأعمال الصالحة، فالآية عامة بحسب مدلولها غير خاصة، ويدل عليه توصيف (الأتقى) بقوله: * (الذي يؤتي ماله) * إلى آخره، هو وصف عام، وكذا ما يتلوه، ولا ينافي ذلك كون الآيات أو جميع السورة نازلة لسبب خاص كما ورد في أسباب النزول.
قال رحمه الله: وأما إطلاق المفضل عليه بحيث يشمل جميع الناس من طالح أو صالح، ولازمه انحصار المفضل في واحد مطلقا أو واحد في كل عصر، ويكون المعنى: وسيجنبها من هو أتقى الناس كلهم، وكذا المعنى في نظيره:

(١٢٣) أنظر صفحة ١١٧ و ١٢٣.
(١٢٤) الميزان في تفسير القرآن 20 / 306.
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست