مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٥ - الصفحة ٢٠
منهجا نقديا يبتني على الجسارة والشجاعة المتوفرة في كتابة عصرية، كالتي في (تدوين السنة) لإبراهيم فوزي.
وأما نسبة التمسك بحديث النهي إلى الصحابة - بلفظ العموم - فهو أمر ينافيه المنقول عن أكثرهم أنهم كانوا يقولون بإباحة التدوين، وقد أشاروا بذلك على عمر أيضا، لكن المؤلف لم يشر إلى ذلك، بل يظهر من عبارته خلاف ذلك تماما!
وثالثا: وكذلك قوله:
(لم يرد على لسان أحد من الصحابة أن النبي (ص) نسخ حديث النهي).
يوهم أن حديث النهي ثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بصورة قطعية، ولا بد في رفعه من ناسخ يروى عنه صلى الله عليه وآله وسلم، وبما أنه لم يرد عن الصحابة نقل النسخ، فالنهي مستمر.
مع وضوح أن النسخ فرع ثبوت النهي، ومع الشك في ثبوت النهي كاف في نفي العلم بوجوده ما لم يقم عليه دليل قاطع، ولا معنى لنسخ ما لم يثبت.
ويمكن إلى عملهم، إذ كانوا يكتبون السنة، في إعلان النسخ - لو ثبت النهي - فإن العمل أقوى دلالة من مجرد النقل في مثل هذا، لأنه غير قابل للتأويل ولا ترد فيه الاحتمالات الآتية في الكلام المنقول.
ورابعا: لو سلم - جدلا - ثبوت نهي عن التدوين، فلا أثر لتمسك الصحابة - الذين منعوا عن التدوين - بمثل ذلك، إذ مع وجود النهي الصريح من رسول الشريعة، فليس عمل بعض دليلا آخر مستقلا، وإنما هو تطبيق منهم له مستند إلى مقدار ما أدركوه من مدلول النهي، وقد يكونون مخطئين في ذلك - لعدم عصمتهم - كما قد اعترف المؤلف بأن عملهم كان أشد مما قام به النبي نفسه صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال في ص 55:
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست