مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٤ - الصفحة ٨
وطهارة ونظافة.
ولكن كما تنبأ به الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، في حديث ثوبان عنه، قال:
" يوشك الأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ".
فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟!
قال: " بل أنتم - يومئذ - كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن ".
فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟
قال: " حب الدنيا، وكراهية الموت " (1).
صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكأنه يصف حالة المسلمين اليوم، وهم يقفون - أمام شراذمة الأمم - أذلاء تنهب ثرواتهم، ويحتقرون، وتصب عليهم النيران صبا، وتنتهك حرماتهم، وتدنس مقدساتهم بكل صلافة، وفي وضح النهار.
والمسلمون خانعون، لا ينبسون ببنت شفة، لأنهم ابتلوا بالوهن:
الوهن في الإدارة، والوهن في التدبير، والوهن في القوة والإعداد.
ولذلك لجأوا إلى العدو في أهم مرافق الحياة، من الاقتصاد والتسلح، والإدارة، وركنوا إلى الذين ظلموا حتى في المأكل، والملبس، وأطوار الحياة اليومية.
وابتلوا بحب الدنيا، وكراهية الموت، والتوغل في الفساد، واللهو، والملذات حتى الآذان، فتهالكوا على الراحة والجاه والملك والرئاسة والسيطرة على شعوبهم المظلومة، ولجأوا إلى العنجهية والقتل والغارة والاعتداء على

(1) رواه أبو داود في سننه - كتاب الملاحم - 4 / 111 رقم 4297، وأورده أحمد في مسند أبي هريرة 2 / 359 بلفظ قريب.
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 5 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست