مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٠ - الصفحة ٢٠
ولا يلزم أن تكون القراءة على الابن أنها كانت بعد وفاه الأب بل أرجح أنها وقعت في حياة الأب، وفيما يقرب من تأريخ حضوره على شيخنا المفيد - كما سيأتي - وإنما اختير له الابن (وكان يفيد الطلبة في حياة أبيه) (18)، أن الأب يومذاك كان قد بلغ من العمر عتيا، ومن الشخصية العلمية ما ارتفع بها عن الاشتغال بمبادئ النحو والعربية، وتلقين الصغار تلك المبادئ، دون الابن وخاصة في حياة الأب، وهو بعد لم يشغل مجلس أبيه.
والذي كان من ابن السيرافي أنه لقن الشريف النحو، ويقصد منه التعليم الشفهي، والتحفيظ وتقويم اللسان، ولا تدل القصة على أن الشريف قرأ عليه شيئا من الكتب الموضوعة في النحو، لا صغيرها ولا كبيرها، بل وأن (مختصر الجرمي) وما كان كالمدخل إلى النحو قرأهما على الربعي فيما بعد.
ولعل لهذه الجهة، ولأن التلقين انتهى بتلك النادرة سبب ذلك انقطاع الشريف عن أبي محمد السيرافي، بعد أن لقنه أوليات النحو.
وأرى أن ما ذكرته كاف لتعليل تلك الظاهرة التي أشار إليها الدكتور الحلو، والتي تبدو من رثاء الشريف لأبي محمد السيرافي، وأظن قويا أن موقف أبي محمد السيرافي من نادرة الشريف كان موقف غضب وامتعاض، ولم يكن يومذاك بعد، قد أبدل (عمر) ب‍ (عمرو) كي تخف الوطأة (ويسهل ابتلاع النادرة) - كما يقولون - ولعل ذلك الموقف، أو ما تعقبه من ملاحظات وتعليقات خلف ذلك كله في نفس التلميذ الصغير وخاصة إن كان بمثل الشريف الرضي آثار سوء ظلت حية، حتى وبعد أن مات أبو محمد.
وأرى أيضا أن هذا كاف لتفسير تغافل الشريف عن الأيام المعدودات التي حضر فيها عند ابن السيرافي، وعدم الاهتمام بتلك الأيام وتغافلها، عندما ذكر الشريف من قرأ عليه النحو والأدب.
* * *

(18) إنباه الرواة: 4 / 61، ابن خلكان: 7 / 72، اليافعي: 2 / 429 - 430.
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست