مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٠ - الصفحة ٢١
- 3 - المقصورة الحسينية:
إن مقصورة الشريف الرضي: (كربلا لا زلت كربا وبلا) لأشهر ما نظمه على الإطلاق، فإن كان شعره على كثرته، وسعة أغراضه، وسمو معانيه، ورفعة منزلته الأدبية، معروفا عند الأدباء، معنيين بها، فإن مقصورته تداولتها الأجيال الواسعة قراءة وسماعا منذ عصره إلى عصرنا الحاضر، بل وإن الكثير منهم قرؤوها أو سمعوها وإن لم يعرفوا القائل.
وكانت الأموية التقليدية لها مجالها الضيق، وإمكاناتها المحدودة، ونشاطها الخاص الدائر في فلك مجالها وإمكاناتها، فلم تصل يدها الأثيمة إلى المقصورة ولم تمسها بسوء، إلى أن ابتلينا بالأموية الحديثة وما ملكته من أسباب وأدوات، وما علمته من أساليب وطرق، لم يكن يملك هذا كله سلفها غير الصالح - ولا حاجة إلى ذكر العوامل والأيدي والجهات التي مكنتها من ذلك - وليست الأموية، قديما وحديثا، نسبا أو عرقا - وإن تسترت بالنسب أو العرق - وإنما هي نزعة تتواجد أينما تواجد الباطل، وخاصة أنها وجدت في السلفية الجاهلية (حليفا طبيعيا) لها!
والأصح أن نقول: إن كلا منهما وجدت في صاحبتها حليفا طبيعيا لها، بعد ما اتفقت أهدافهما، ومن الطبيعي حينئذ أن ينسجم ويتوحد نشاطهما، وأن يعضد كل منهما الأخرى، والأموية الحديثة - لعوامل خارجة عن مجال بحثنا ذكرها - أصبحت - مع الأسف الشديد - الفئة الحاكمة في العراق، ومن هنا ارتبطت بالحسين عليه السلام وكربلائه وعاشورائه ومآتمه، فارتبطت بالشريف الرضي ومقصورته.
وأقولها بصراحة: إني وإن كنت هنا أناقش ما ذكره الدكتور الحلو حول المقصورة، وما عمله من حذفها من ديوان الشريف الرضي - الأمر الذي لا أعذره عليه بأي حال - لا أخاصم الدكتور نفسه، فإني وجدته قد تجنب هذا البحث في الكتاب الذي ألفه حول الشريف الرضي - وتحت تصرفي نسخة منه كتبت
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست