مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٠ - الصفحة ١٧
للإنكار، ولا موضع للغرابة، لأن الشريف كان شديد الذكاء، وإذا ذهبنا مع الدكتور إحسان عباس إلى أن المراد هو ابن أبي سعيد السيرافي، لا أبو سعيد نفسه، فهل يحل هذه القضية وينفي تعلمه النحو، وهو دون العاشرة؟!) (10).
ولست أرى مجالا للخلاف في هذه القضية، فإن ابن جني يذكر أن الرضي أحضر إلى مجلس ابن السيرافي، وواضح أن المراد هنا أبو سعيد، لا ولده، فهو الذي كان صاحب المجلس وأستاذا لابن جني، وكان ابن جني يتلقى عنه، فهو شاهد عيان، ولم تذكر الرواية أن الرضي قرأ عليه شيئا، وإنما لقنه النحو في جملة من يلقن من حضور الحلقة، ثم ذاكره بشئ من الإعراب ليختبر تقدمه، وقد كان يوسف ولده يفيد الطلبة في حياة أبيه - كما يذكر ابن خلكان - ولعله كان يعنى بالمبتدئين في العلم من حضور حلقة والده كالرضي.
فالرضي إذا حضر حلقة أبي سعيد، وهو صاحب القصة معه، وهذا لا يدفع أنه ربما استفاد من علم ولده يوسف الذي كان يفيد الطلبة في حياة أبيه، وإن كان لا يشعر نحوه بما يشعر به الطالب نحو أستاذه، فقصيدته في رثائه لا تدل على أنه يرثي أستاذا له، ولم يقلها الرضي فيه إلا ليحافظ على ما ضيعه الناس من الوفاء (...) وما هكذا يفعل الرضي في رثاء أساتذته (...) (11).
وقد سبقه إلى عد أبي سعيد السيرافي نفسه أستاذا للشريف، شيخنا العلامة الأميني في الغدير: 4 / 183، وسبقهما السيد الخوانساري في روضات الجنات في ترجمة (أبي سعيد السيرافي): 3 / 73، عندما ذكر تلك النادرة التي تقدمت، وأضاف: (ولما سمع بذلك أبوه فرح بذلك، وقال له: أنت ابني حقا). ثم ذكر: أن الثعالبي ذكر في ترجمة الشريف: أنه له في أبي سعيد مرثية - وذكر ثلاثة أبيات منها - ثم ترجم لابنه يوسف، وتبعه في هذا الشيخ عباس القمي في الكنى والألقاب: 2 / 340 ولا أدري كيف وقع له مثل هذا مع أن

(10) محمد عبد الغني حسن، الشريف الرضي / 24.
(11) الشريف الرضي، الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو، معهد المخطوطات العربية، جامعة الدول العربية، القاهرة، 1396 / 1976 / 104 - 106، وهي مكتوبة بالآلة الطابعة.
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست