مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٠ - الصفحة ١٤
التي تظهر في النطق، كما هو المدلول الواضح لكلمة (قلنا) الواردة فيها، لا من جهة إملاء الكلمة وكيفية كتابتها، ولفظة (عمرو) لا تختلف نطقا عن سائر الألفاظ المعربة المنصرفة، في أنها تظهر عليها حركات الإعراب، رفعا ونصبا وجرا، فليس في اختيار التمثيل بها أية جهة يستدعيها امتحان الطالب واختبار ذكائه وتفهمه للقواعد النحوية، سوى معرفة أوليات النحو، وأبسط مبادئه، وهي كيفية الرفع والنصب والجر، والشريف كان قد تجاوز هذه المرحلة، إذ ابن السيرافي كان قد لقنه النحو، أي علمه القواعد الأولية للنحو، ولم تقع النادرة - ومن الطبيعي أن لا تقع - في أول مجلس للتعليم، إذ الاختبار إنما يكون بعد أن يكون الطالب قد تجاوز مرحلة يصح معها اختباره وامتحانه!
نعم، لو كان الامتحان لا في النحو، بل من جهة الإملاء وكيفية الكتابة لكان المناسب التمثيل ب‍ (عمرو) الذي زيد فيه (الواو) ظلما في الهجاء - كما يقول الشاعر - ليمتاز كتابة لا نطقا عن (عمر)، ولكن هذا (الواو) يثبت في حالتي الرفع والجر، دون النصب، إذ لا يتنصب (عمر).
وصحيح أن النحويين اعتادوا التمثيل بزيد وعمرو، في فروضهم النحوية، ولكن ليس في مثل هذا المورد! ولكن النحويين جرت عادتهم أيضا على تقديم (زيد) على (عمرو) فإذا أرادوا التمثيل بأحدهما اختاروا زيدا، فقالوا: (قام زيد) وإذا احتاجوا إليهما معا قدموا زيدا وقالوا: (ضرب زيد عمرا)!
ورابعا: إن لفظة (عمرو) حكاها الدكتور عارية عن الإعراب، وهي منصوبة، وملحقا بها (الواو)، وهذا خطأ لا يصدر من متعلم، فكيف من عالم نحوي! والصحيح حذف (الواو) وإدخال الإعراب، بأن يقال: (رأيت عمرا) لا:
(رأيت عمرو) وقد جاءت عند أبي الفداء وابن الوردي (رأيت عمرا)، وقد رجع إليهما الدكتور نفسه، فما الذي أوجب غفلته - وهو العالم الأديب - عن هذه الملاحظة، ولست أسمح لنفسي بأن أنسبه إلى التغافل كي يصح له ما قال! نعم جاءت في طبعتي بولاق، ومحمد محيي الدين عبد الحميد كما ذكرها الدكتور، إلا أن الدكتور لم يعتمد عليها، بل ولم أجد ما يدل على رجوعه إليهما، ومهما يكن فعذر
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»
الفهرست