زعماء مكة - الشيخ نجاح الطائي - الصفحة ٤
النفسية. ومع ذلك بقيت مكة محط أنظار العالم تنطلق منها بين الفينة والأخرى أنوار هدى يستضئ بها العالم.
وبقيت معظمة من قبل جميع الأديان والقوميات، يقدمون لها الهدايا والقرابين والنذور ويزورونها للدعاء حتى قبل بناء إبراهيم (عليه السلام) لها. فكانت الهنود يعظمونها ويقولون أن روح " سينا " وهو الأقوم الثالث عندهم حلت في الحجر الأسود.
حيث زار سينا مع زوجته بلاد الحجاز (1).
وكانت الصابئة من الفرس والكلدانيين يعدونها أحد البيوت السبعة المعظمة.
وربما قيل أنه بيت زحل لقدم عهده وطول بقاءه (2)، وكانت الفرس يحترمون الكعبة أيضا زاعمين أن روح هرمز حلت فيها (3).
وكان أسلاف الفرس تقصد البيت الحرام وتطوف به تعظيما له ولجدها إبراهيم. وكان آخر من حج منهم ساسان بن بابك. وقد أهدى غزالين من ذهب وجواهر وسيوف وذهب كثير، فدفن في زمزم. وقد افتخر بعض شعراء الفرس بعد ظهور الإسلام وقال:
وما زلنا نحج البيت جمعا * ونلقى بالأبطح آمينا وساسان بن بابك سار حتى * أتى البيت العتيق يطوف دينا (4) وكانت اليهود يعظمونها ويعبدون الله فيها على دين إبراهيم (عليه السلام) وكان بها صور وتماثيل فيها تمثال إبراهيم (عليه السلام) وإسماعيل (عليه السلام) وكان بها صور العذراء والمسيح (عليهما السلام) ويشهد ذلك على تعظيم النصارى لأمرها (5). وكان موضع البيت الحرام يأتيه المظلوم والمتعوذ من أقطار الأرض. ويدعو عنده المكروب فكل من دعا هنالك إلا استجيب له. وكان الناس يحجون إلى موضع البيت حتى بوأ الله مكانه لإبراهيم (عليه السلام) لما أراد عمارة بيته وإظهار دينه وشريعته (6).
ولم يزل منذ أهبط الله آدم (عليه السلام) إلى الأرض محرما بيته تتناسخه الأمم والملل أمة بعد أمة وملة بعد ملة (7).
وكان النبي من الأنبياء إذا هلكت أمته لحق بمكة يتعبد فيها ذلك النبي ومن معه حتى يموت فيها فمات فيها نوح وهود وصالح وشعيب، وقبورهم بين زمزم والحجر (8).

(1) الميزان 4 / 414.
(2) مروج الذهب، للمسعودي 2 / 228.
(3) الميزان 4 / 414.
(4) مروج الذهب 1 / 242.
(5) الميزان 4 / 414.
(6) أخبار مكة للأزرقي ص 51.
(7) أخبار مكة للأزرقي ص 55، معجم البلدان - الكعبة.
(8) أخبار مكة ص 68.
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»