زعماء مكة - الشيخ نجاح الطائي - الصفحة ٩
وكان لإبراهيم (عليه السلام) ثلاث زيارات لإسماعيل قبل بناء البيت وعند زيارة إبراهيم الأولى، لم يجد إبراهيم الحفاوة والتكريم المعهود في عصره من زوجته (زوجة إسماعيل) بعد أن كان إسماعيل غائبا عنها في الصيد.
فترك رسالة شفوية رمزية. تقول له " غير عيشت دارك " (١). ومفادها أن يطلق زوجته فامتثل إبراهيم (عليه السلام) أمر أبيه وطلق زوجته وتزوج بثانية. وعندما زاره للمرة الثانية وجد الحفاوة التامة والكرم حتى أنها (زوجة إسماعيل الثانية) غسلت رأسه من غبار التعب. فترك إبراهيم (عليه السلام) رسالة شفوية أخرى تقول له " حافظ على عيشت دارك " (٢).
وأما الزيارة الثالثة. فقد جاء بأمر عظيم. ألا وهو الأمر الإلهي ببناء الكعبة لتكون مثابة للناس وأمنا ﴿وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم﴾ (٣).
ولما فرغ إبراهيم وإسماعيل من البناء أتاه جبرائيل (عليه السلام) وأقاما مراسم الحج معا لتكون سنة للأجيال القادمة وعندها دعا إبراهيم الناس للحج ﴿وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ظامر يأتين من كل فج عميق﴾ (٤).
إسماعيل (عليه السلام) الذبح: عندما تقترن الزعامة بالنبوة. تصح لها نكهة خاصة تجذب إليها النفوس الكريمة وتهوى إليها الأفئدة الطاهرة. ويقترب منها الصالحين من الناس.
وعندما يختار الله سبحانه وتعالى عبدا لحمل رسالته. يدخله في دورة من الابتلاءات والامتحانات حتى تكمل شخصيته ويكون مؤهلا لحمل الرسالة.
وإسماعيل (عليه السلام) واحدا من أولئك العبيد الصالحين الذين اختارهم الله لرسالته وأدخله دورة تأهيلية لحمل النبوة. ومن مفردات تلك الدورة قصة الذبح. حيث يرى إبراهيم (عليه السلام) في المنام أنه يذبح ابنه إسماعيل ﴿يا بني إني أرى في المنام إني أذبحك﴾ (5) ورؤيا الأنبياء صادقة كاليقظة. فيلبي إبراهيم أمر به، وفي رحلة الحج أو غيرها يقف إبراهيم على إسماعيل وهو يصلح النيل للصيد ليبلغ إسماعيل (عليه السلام) بالأمر الصعب. فهل يستجب له كما استجاب في المرات السابقة من الطلاق وبناء البيت والحج وغيرها: نعم فكان الرد (يا أبتي افعل ما تؤمر ستجدني إنشاء الله من

(١) الكامل في التاريخ ١ / ٩٠، مروج الذهب ٢ / ٤٧، ٤٨.
(٢) الكامل في التاريخ ١ / ٩٠، مروج الذهب ٢ / ٤٧، ٤٨.
(٣) البقرة: ١٢٧.
(٤) الحج: ٢٧.
(٥) الصافات: ١٠٢.
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»