كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٦٣
الإمامة لمن يصلح لها غير من يقبل الإمامة، فإن وجب قبولها على من يصلح لها لم يصح أن تجب مقدمات قبوله على الغير ومن يعقد الإمامة لا يجب عليه القطع بل على من يقبلها.
وقد استدل أبو الحسين البصري بهذه الآية على وجوب نصب الأئمة على الرعية بأن قوله تعالى: * (فاقطعوا) * مشترك بين التوصل إلى القطع وبين مباشرة القطع فإنه يقال قطع الأمير السارق إذا أمر بقطعه فقطع، وقطع الجلاد السارق إذا باشر القطع، وليس المراد المباشرة فإن ظاهرها عام متناول للكل وليس يمكن مباشرة الكل القطع، ولو أمكنهم لم يكن المراد ذلك للإجماع على أنه ليس للأمة أن يأمروا الجلاد بالقطع من دون أن يتولى ذلك الأمر الإمام، فإذن المراد بها التوصل إلى القطع وإذا كان كذلك فالأمة يدخل في جملتهم من يصلح للإمامة، ومن يمكنه العقد له فيلزم الكل التوصل إليه بمقدماته وليس إلا القبول والعقد، والجواب من وجهين: الأول: إن الأمر بالقطع لا بالتوصل إليه وقد تقدم ذلك فيما نحن قررناه. الثاني: أنه يصح أن يقال في الإمام إنه قطع السارق ويفهم عرفا أنه أمر بالقطع كما يفهم حقيقة في الجلاد إنه قطع إذا باشره فيصح أن يكون حقيقة فيهما في حق الإمام عرفا وفي حق الجلاد لغة، أما العاقدون للإمامة فلا يقال إنهم قطعوا السارق بمعنى إنهم عقدوا عقد الإمامة لمن أمر بقطع السارق لبعد ذلك في اللغة، وإن جعل مجازا كان بعيدا في الغاية واللفظ لا يحمل على مجازه البعيد في الغاية مع وجود الحقيقة.
وأقول: لفظ القطع حقيقة في المباشرة وقد يطلق على السبب مجازا للسببية والأسباب تتفاوت في القرب والبعد، وفي العموم والخصوص، ويتفاوت بذلك المجاز في الأولوية، والأمر بالقطع بعض الأسباب إذا ليس علة تامة والعقد سبب بعيد عام والأمر أقرب منه، فلا يجوز الحمل على العقد مع وجود الحقيقة والقرب وإمكانهما خصوصا السبب البعيد العام فإنه يكاد أن يكون من الأسباب الاتفاقية فلا يجوز حمل اللفظ عليه.
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست