كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٦٥
ظهوره فلما مر، وأما عند غيبته فلأنه يجوز المكلف ظهوره كل لحظة فيمتنع من الإقدام على المعاصي، وبذلك يكون لطفا (1) لا يقال تصرف الإمام إن كان شرطا في كونه لطفا وجب على الله تعالى فعله وتمكينه وإلا فلا لطف، لأنا نقول: إن تصرفه لا بد منه في كونه لطفا ولا نسلم أنه يجب عليه تعالى تمكينه لأن اللطف إنما يجب إذا لم يناف التكليف، فخلق الله تعالى الأعوان للإمام ينافي التكليف وإنما لطف الإمام يحصل ويتم بأمور، منها: خلق الإمام وتمكينه بالقدرة والعلوم والنص عليه باسمه ونسبه، وهذا يجب عليه تعالى وقد فعله ومنها: تحمل الإمامة وقبولها، وهذا يجب على الإمام وقد فعله، ومنها: النصرة والذب عنه، وامتثال أوامره، وقبول قوله، وهذا يجب على الرعية (2) الثاني: المقرب إلى الطاعة والمبعد عن المعصية والقهر والاجبار عليها ليس بلطف، لأنه مناف للتكليف ونصب الإمام والنص عليه وأمرهم بطاعته من الأول وقهرهم على طاعته من قبيل الثاني لأنه من الواجبات، فلو جاز القهر عليها لجاز على باقي الواجبات، ولأن طاعة الإمام هي عبارة عن امتثال أوامر الله تعالى ونواهيه، فالقهر على

(١) قد يقال بأننا نجد الناس مع وجود الإمام ظاهرا يرتكبون المعاصي إذا لم يكن متمكنا، فكيف به غائبا؟ وأما أن تجويز المكلف ظهوره كل لحظة فلا نراه حاجزا عن اقتحام الموبقات، فأين اللطف فيه؟
فالأجدر في تعليل اللطف حال الغيبة بأن يقال نفس وجوده لطف وذلك لأن فيه إقامة للحجة على العباد، ولما كان خذلان الناس له هو الذي أوجب غيبته وعدم تمكينه كانت الحجة عليهم أتم، فهم يعلمون بأن الحجة بوجوده قائمة عليهم والتكليف غير مرفوع عنهم، والعصيان مسؤولون عنه، فمن ثم يكون ذلك مقربا لهم إلى الطاعة مبعدا عن المعصية.
(2) إذا قصرت الرعية في القيام بواجب الطاعة والسمع لم يحصل التمكين، فعدم التمكين لا من ناحيته تعالى، ولا من ناحية الإمام نفسه، وإنما كان من ناحية الأمة فحسب.
وهذا لا يختص بالإمام، فإن كثيرا من الأنبياء عليهم السلام، لم يتمكنوا من تسيير نظامهم وتمشية شرائعهم، فهل كان عدم تمكنهم لعدم اللطف في بعثهم أو لتقصيرهم في التبليغ أو لرفض الناس أقوالهم ونصحهم، ولا يشك أحد في أن عدم التمكين إنما كان لخذلان الناس لهم وعدم السمع والطاعة منهم.
(٦٥)
مفاتيح البحث: الجواز (1)، الأنبياء (ع) (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست