النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادى عشر - العلامة الحلي - الصفحة ٦٩
الأول: أن الصارف عنه موجود، والداعي إليه معدوم، وكلما كان كذلك امتنع الفعل ضرورة، أما وجود الصارف فهو القبح والله تعالى عالم به، وأما عدم الداعي فلأنه إما داعي الحاجة إليه وهو عليه محال لأنه غير محتاج، وأما داعي الحكمة الموجودة فيه وهو محال لأن القبيح لا حكمة فيه.
الثاني: أنه لو جاز عليه القبيح لامتنع إثبات النبوات، واللازم باطل إجماعا فالملزوم مثله.
بيان الملازمة أنه حينئذ لا يقبح منه تصديق الكاذب ومع ذلك لا يمكن الجزم بصحة النبوة وهو ظاهر.
قال: وحينئذ يستحيل عليه إرادة القبيح لأنها قبيحة.
أقول: ذهبت الأشاعرة إلى أنه تعالى مريد لمجموع الكائنات حسنة كانت أو قبيحة، شرا كانت أو خيرا، إيمانا كان أو كفرا، لأنه موجد للكل فهو مريد له (1).
وذهبت المعتزلة إلى استحالة إرادته للقبيح والكفر وهو الحق، لأن إرادة القبيح أيضا قبيحة، لأنا نعلم ضرورة أن العقلاء كما يذمون فاعل القبيح فكذا مريده والأمر به.
فقول المصنف فحينئذ أتى بفاء النتيجة أي يلزم من امتناع فعل القبيح امتناع إرادته (1).

(١) في الحاشية: ذهبت الأشاعرة إلى أنه لا يفعل القبيح.
إن قلت ورد في النقل الصحيح من أنه تعالى خالق الخير والشر في القرآن المجيد مثل قوله تعالى (قل كل من عند الله) يدل بظاهره على خلاف ما ذكرت فكيف المخرج منه؟
قلت: كل من الخير والشر والحسنة والسيئة يقال على المعنيين، والخير تارة يطلق على (ملائم) الطبع كالمستلذ من المدركات ويقابله الشر فيكون بمعنى غير الملائم له كالحيات والعقارب وما أشبهها من المؤذيات فإن خلق [الله] يشتمل على حكم [البتة] وأخرى على ما يرادف الحسن والمصلحة ويقابله السيئة فيكون معنى ما يرادف القبيح والمفسدة، وكونه خالق الشر هو ما كان بالمعنى الأول لا الثاني، أو الثاني ويكون المراد خلق تقدير لا خلق تكوين، والحسنة تارة تطلق على ما يستطاب كالخصب وسعة الرزق ويقابلها السيئة كالجدب وضيق الرزق كما في قوله تعالى (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه، وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه) وأخرى على الطاعة يقابلها السيئة كالمعصية والمنسوب إليه من السيئة هو ما كان بمعنى الأول دون الثانية (س ط).
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست