مختصر أخبار شعراء الشيعة - المرزباني الخراساني - الصفحة ٩
عليها بكل حول وطول، ليشاركوا في كل ظرف وعصر في نهضة الأدب العربي وتشييد دعائمه وأسسه.
ولا شك إن الأدب العربي بجهود المرزباني وإخوانه من أحبار الأدب... وثب وثبته الكبرى وحفظ للدنيا هذه الثروة الفكرية والمتعة الأدبية الرائعة، مع العلم أن هؤلاء الفطاحل تحملوا العبء الثقيل والجهد المضني ما تتطلبه هذه الرسالة من صبر وأناة وضيق وحرج وعسر، وما يفتقر إليه جمع وتهذيب والتقاط هذه الكنوز من البلاد النائية، وفي رحلات وسفرات شاقة طويلة، ومن ثم حرصهم على أن يقدموا لنا ما جمعوه في دقة وأمانة وصحة وثقة مع ما كانوا عليه يومذاك من دقة الحال وعسر الحياة، وجهد تفرضه لقمة العيش وبما تطالب به الحياة الناس من مطالب وطموح ورغبات نفسية مختلفة.
ومع الحال هذه طاف المرزباني في آفاق مصر وربوع الشام، وجال في نواحي حلب وشد الرحال إلى بلاد الحجاز وزار أكثر البلاد الإسلامية، فأفاده التجوال علما غزيرا وأدبا جما وخبرة صائبة ومعرفة سديدة.
وبرع المرزباني... في ناحية واحدة وعكف على التأليف فيها واستطاع بحافظته القوية وذكائه المفرط الطيب، أن يتخصص في رسالته الأدبية وينبه فيها شأنه بكفايته ومهابته... ويفرغ إلى جانب واحد من نواحي الأدب فيجمع مادته ويدرسها ويحققها بعين البصيرة والتدقيق، ويحفظها حتى يصبح أحفظ أهل زمانه ويقدمها إلى الناس بشكل واقعي جميل، بعيد عن كل شك وشبهة ومنزه عن كل عيب أدبي ونقص تحقيقي، أو ضعف وريبة في رجال سنده وروايته ولهذا كان النجاح حليف ما كتبه وما صنفه وبرز في ذلك كله بروزا تطامن أمامه بروزه في فنون الأدب.
ومن المؤسف جدا أن ليس لدينا من أخبار المرزباني إلا نتف يسيرة وأظهر أخباره أنه كان رجلا غنيا كريما يفضل على أساتذته وتلاميذه، وكانت داره مأوى لأهل العلم والأدب يبيتون فيها على الرحب والسعة حيث
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست