مختصر أخبار شعراء الشيعة - المرزباني الخراساني - الصفحة ١٠
يشاءون، وحسب رواية ابن الجوزي أن أشياخه كانوا يحضرون عنده في داره فيسمعهم ويسمع منهم وكان عنده خمسون ما بين لحاف ودواج معدة لأهل العلم الذين يبيتون عنده وكان عضد الدولة يجتاز على داره فيقف ببابه حتى يخرج إليه فيسلم عليه.
هذا ولم يكن يؤخذ عليه من الهفوات إلا إدمان الشراب، وكان من عادته في ذلك أن يضع بين يديه زجاجة حبر وزجاجة خمر، فلا يزال يشرب ويكتب وهو مقيم الفكر والاحساس بين الواقع والخيال وقد شعر رحمه الله بخطر ذلك على عقله وصحته وظهر أثر تململه حين سأله عضد الدولة مرة عن حاله فقد أجاب: كيف حال من هو بين قارورتين يعني قارورة الحبر وقارورة الخمر.
وكان في جملة حاله معروفا بصدق اللهجة وسعة المعرفة وكثرة السماع، وكان معاصروه يرونه من محاسن الدنيا (5) ومنهم من يقدمه على الجاحظ (6) ولعل ذلك هو السبب في تحامل بعض المغرضين عليه كأبي حيان التوحيدي، الذي كان يقارنه بابن شاذان وابن الخلال ممن كان لهم جمع ورواية وليس لهم فيما جمعوه نقط ولا إعجام ولا إسراج ولا إلجام، ولو يقيت كتب المرزباني كلها أو جلها لاستطعنا أن نزن ما كان له من فكر وعقل وأسلوب ولكن أكثرها ضاع ولم يبق منها إلا النزر اليسير.
ومن المدهش أنه إلف كتابا في أخبار الشعراء سماه (المعجم) تحدث فيه عن نحو خمسة آلاف شاعر وأثبت فيه أبياتا لكل من تحدث عنهم من الشعراء، فمن الذي يعرف اليوم هذا المقدار من أسماء الشعراء مع أننا اجتزنا من تاريخ الأدب نحو خمسة عشر قرنا وكان المرزباني لم يجتز منه غير خمسة قرون (7)،

(٤) المنتظم ٧: ١٧٧.
(٥) النجوم الزاهرة ٤: ١٦٨.
(٦) لسان الميزان ٥: ٣٢٦.
(7) النثر الفني 2: 120 - 130.
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست