أضيفت إلى تلك الجهة لأنها هي الغاية في التعلق بالعين دون غيرها، وإلا فالتعلق ليس إلا نفس العين، وإن اختصت الإضافة بالجهة، وأما ملك ما في الذمة كالكلي وعمل الأجير ونحوهما فمعناه السلطنة على النفس من حيث ماله الخاص أو المطلق، موجودا كان أو مما يوجد بعد، وبهذا المعنى صح صدق الملك على النفس في قوله تعالى: (إني لا أملك إلا نفسي وأخي هارون) وملك البضع، فإن الزوج يملك بضع زوجته، وليس معناه إلا أنه يملك الزوجة من حيث الانتفاع ببضعها. وتجتمع الملكية بهذا المعنى مع ملكية العين بالمعنى المتقدم، وقد سبق تحقيق ذلك منا مكررا، وبهذا اتضح لك أن تعلق الملك في بيع الكلي وتمليك المنافع إنما هو بالموجود نفسا أو مالا من جهة خاصة لا مطلقا ونسبة المملوكية إلى المعدومين منهما إنما هي باعتبار الجهة لا المتعلق، والممنوع كون المعدوم متعلقا لا جهة للتعلق كما في الوصية التي معناها تمليك الموصى به للموصى له، ولذا اتفقوا على بطلان الوقف في المنقطع الأول.
وهذا هو الوجه في الفرق، لا ما ذكره شيخنا في (الجواهر) حيث قال:
ولا يرد عليه أن المعدوم لو كان غير قابل للتمليك والملك لم يكن قابلا للتملك مع أن الاجماع - بقسميه - على صحة الوصية بالمعدوم عينا ومنفعة وعلى جواز بيع الثمار، ونحو ذلك مما هو من ملك المعدوم، لأنا نقول:
بعد الفرق بينهما بالاجماع ونحوه: أنه يمكن منع تحقق الملك في ذلك كله حقيقة، بل أقصاه التأهل للمالك والاستعداد له على حسب ملك النماء لمالك الأصل وملك المنفعة لمالك العين، فهو من ملك أن يملك، لا أنه ملك حقيقة " (1) انتهى.