مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٣
الحر المالك المتمكن من التصرف أما وجوبها على من ذكر فمما لا كلام فيه لأنه هو القدر المتيقن من مورد ثبوت هذا الحكم وإنما الكلام في اعتبار هذه القيود في ثبوته مطلقا أو في الجملة فنقول البلوغ يعتبر في الذهب والفضة إجماعا مستفيضا نقله بل متواترا ويدل عليه مضافا إلى ذلك أخبار معتبرة مستفيضة مثل صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال ليس في مال اليتيم زكاة وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سئلته عن مال اليتيم فقال ليس فيه زكاة وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله قال قلت له في مال اليتيم عليه زكاة فقال عليه زكاة فقال إذا كان موضوعا فليس عليه زكاة فإذا عملت به فأنت ضامن والربح لليتيم وموثقة يونس بن يعقوب قال أرسلت إلى أبي عبد الله عليه السلام إن لي أخوة صغار فمتى تجب على أموالهم الزكاة قال إذا وجبت عليهم الصلاة وجبت عليهم الزكاة قال قلت فما لم تجب عليهم الصلاة قال إذا اتجر به فزكه أو خبر محمد بن فضيل عن الرضا عليه السلام في صبية صغار لهم قال بيد أبيهم أو أخيهم هل يجب على مالهم الزكاة فقال لا يجب على مالهم حتى يعمل به فإذا عمل به وجبت الزكاة وأما إذا كان موقوفا فلا زكاة عليه إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه التي سيأتي التعرض لنقل جملة منها في الفرع الآتي والمنساق من مثل قوله عليه السلام ليس على مال اليتيم أو في مال اليتيم زكاة عدم تعلق هذا ألحق بهذا العنوان فلا يجري في الحول ما دام كونه مال اليتيم نظير قوله (ع) لا صدقة على الدين ولا على المال الغائب عنك حتى يقع في يديك فيكون ابتداء الحول بعد البلوغ كما هو المشهور بل لم ينقل التصريح بالخلاف عن أحد وربما يستشهد له أيضا بخبر أبي بصير المروي في التهذيب عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سمعه يقول ليس في مال اليتيم زكاة وليس عليه صلاة وليس عليه جميع غلاته من نخل أو زرع أو غلة زكاة وإن بلغ اليتيم فليس عليه لما مضى زكاة ولا عليه لما يستقبل حتى يدرك فإذا أدرك كانت عليه زكاة واحدة وكان عليه مثل ما على غيره من الناس وفيه أن هذه الرواية أما صدرها فهو كغيره من الروايات التي اعترفنا بظهورها في المدعى وإما ذيلها الذي هو محل الاستشهاد أعني قوله (ع) وإن بلغ اليتيم الذي أخره فهو لا يخلو من إجمال فإن من المحتمل بل المظنون كونه تفريعا على خصوص الفقرة السابقة عليه النافية للزكاة على جميع غلاته من نخيل وزرع وغيرهما فيكون كلمة الموصول فيما مضى وما يستقبل كناية عن نفس الغلات ويكون المراد بالادراك بلوغها حد الكمال الذي يتعلق بها الزكاة فالرواية على هذا أجنبية عن المدعى وعلى تقدير أن يكون الموصول كناية عن الزمان الماضي والمستقبل ويكون المراد بهذا الكلام أنه ليس عليه في شئ من ماله وغلاته لما مضى وما يستقبل زكاة حتى يدرك فيحتمل أن يكون المراد بالادراك بلوغه وإن تعلق الحق بماله وهو في النقدين حلول الحول وفي الغلات ما ستعرفه فيكون حينئذ شاهدا المدعى ويحتمل إن يكون المراد بلوغه حد الرشد الذي يرتفع به الحجر عن ماله فيكون على هذا التقدير أيضا أجنبيا عن المدعي ولكن ينفي هذا الاحتمال عدم الخلاف ظاهرا في كفاية البلوغ وعدم اعتبار الرشد في ثبوته كما ستعرفه في مال السفيه ويحتمل أيضا بل قد يدعي أنه الظاهر كون المراد بالموصول الزمان المستقبل في إيجاب الزكاة لولا الصغر لا مطلق الزمان الماضي ولذا يقبح أن يقال ليس عليه لليوم الماضي وللشهر الماضي زكاة فالمراد الحول الذي هو السبب في إيجاب الزكاة لولا المانع فلا ينافي حينئذ أدراك الحول في المستقبل وكون مبدء الحول فيما مضى فيكون الرواية حينئذ على عكس المطلوب أدل ولكن في دعوى ظهورها في ذلك نظر بل منع وقياس جملة الزمان على خصوص اليوم والشهر قياس مع الفارق فليتأمل هذا كله مع ما في الرواية من اضطراب المتن فإنها مروية في الكافي عن أبي بصير هكذا قال سمعت أبا عبد الله يقول ليس على مال اليتيم زكاة وإن بلغ اليتيم فليس عليه لما مضى زكاة ولا عليه فيما بقي حتى يدرك فإذا أدرك فأنما عليه زكاة واحدة ثم كان عليه مثل ما على غيره من الناس وهي بهذا المتن أيضا غير متضح المفاد فالأولى رد علمها إلى أهله وفيما عداها مما عرفت غنى وكفاية مع موافقة الحكم من أصله للأصل وعدم ثبوت خلاف محقق فيه فما عن الكفاية من الاستشكال في حكم المتأخرين باستيناف الحول عند البلوغ في غير محله وربما يستدل أيضا لعدم وجوب الزكاة على غير البالغ والمجنون بحديث رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق وفيه أن المقصود بالوجوب هاهنا ليس الوجوب التكليفي المعلوم واشتراطه بالبلوغ بل الوجوب الناشي من سببية بلوغ المال للنصاب لتعلق الزكاة به التي لا ربط لها بفعل الصبي ولا ينافيها عدم كون الصبي ما دام صبيا غير مكلف بإخراجها فحديث الرفع أجنبي عن ذلك اللهم إلا أن يوجه الاستدلال بأن استفادة تعلق هذا الحق بالمال إن كان منشأها الأوامر المتعلقة بإعطاء الزكاة وإن الله فرض على عبادة الزكاة كما فرض عليهم الصلاة فهي بحكم حديث الرفع مخصوصة بالبالغين وإن كان الاخبار المسوقة لبيان الحكم الوضعي مثل قوله عليه السلام ففيما سقته السماء العشر فإطلاقها وارد مورد حكم آخر لا يصح التمسك به فيما نحن فيه فليتأمل ثم إن الاخبار المزبورة النافية للزكاة على مال اليتيم وإن لم يقع فيها التصريح بخصوص النقدين ولكن حيث أن النقدين من أوضح مصاديق المال يكون تلك الأخبار بمنزلة النص في إرادة زكاتهما من العموم فلا مجال للارتياب في عدم ثبوت زكاة النقدين في ماله نعم إذا اتجر له من إليه النظر أستحب له إخراج الزكاة من مال الطفل أي زكاة مال التجارة التي ستعرف استحبابها في غير مال الطفل أيضا وهذا أي استحباب إخراج هذه الزكاة من ماله هو المشهور بين الأصحاب كما صرح به في المدارك وغيره بل عن المعتبر و المنتهى ونهاية الاحكام وظاهر الغنية دعوى الاجماع عليه وحكى عن المقنعة التعبير بلفظ الوجوب كما ورد كذلك في بعض الروايات الآتية التي هي مستند هذا الحكم فقال ما لفظه لا زكاة عند آل الرسول صلى الله عليه وآله في صامت أموال الأطفال والمجانين من الدراهم والدنانير إلا أن يتجر الولي لهم أو القيم عليهم بها فإن اتجر بها وحركها وجب عليه إخراج الزكاة منها ولكن حمله في التهذيب على إرادة الندب وربما يؤيد ذلك ما حكي عنه في التصريح في باب زكاة أمتعته التجارة بأنها سنة مؤكدة فيها على المأثور عن الصادقين (ع) وعن الحلي في السرائر نفي الوجوب والاستحباب ويظهر من المدارك الميل إليه وكيف كان فمستند هذا الحكم أخبار مستفيضة منها قوله عليه السلام في موثقة يونس بن يعقوب المتقدمة إذا اتجر به فزكه وفي خبر محمد بن الفضيل المتقدم فإذا عمل به وجبت الزكاة وحسن محمد بن مسلم أو صحيحه قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام هل على مال اليتيم زكاة قال لا إلا أن يتجر به أو يعمل به وخبر سعيد السمان
(٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»