مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٢
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين كتاب الزكاة: الزكاة لغة الطهارة والنمور في عرف أهل الشرع اسم للحق المعروف عندهم المعلوم ثبوته لديهم بنص الكتاب والسنة المتواترة بل هي كالصلاة والصيام من الضروريات التي يخرج منكره عن ربقة المسلمين وليس في المال حق واجب بأصل الشرع ابتداء سوى الزكاة والخمس كما يدل عليه مضافا إلى الأصل خبر معمر بن يحيى أنه سمع أبا جعفر عليه السلام يقول لا يسئل الله عز وجل عبدا عن صلاة بعد الفريضة ولا عن صدقة بعد الزكاة ولا عن صوم بعد شهر رمضان وما قد يترائى من بعض الروايات الواردة في تفسير قوله تعالى وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم من الوجوب فهي كنفس الآية على خلافه أدل حيث أن المتأمل يراها كالنص في عدم إرادة حق واجب معلوم متعلق بالمال في أصل الشرع ابتداء كالزكاة والخمس مما يكون المدح في تصفية المال عنه لا في وضعه عليه بل أريد منها تأكد الاستحباب أو الوجوب ولكن لا من حيث تعلق الحق بالمال من حيث هو ابتداء بل لعروض جهة موجبة له كصلة رحم أو الوفاء بنذر وإعانة مضطر وغير ذلك من التكاليف التي قد توقف الخروج عن عهدتها بصرف المال كما لا يخفى على المتأمل هذا مع أنه لم ينقل الخلاف في شئ من جزئيات هذه المسألة عدا ما عن الشيخ في الخلاف من إنه قال يجب في المال حق سوى الزكاة المفروضة وهو ما يخرج يوم الحصاد من الضغث بعد الضغث والحفنة بعد الحفنة يوم الجذاذ واستدل عليه بإجماع الفرقة وأخبارهم والآية الشريفة وأجيب عن الاجماع بالمنع بل خلافه مظنة الاجماع ولذا قد يغلب على الظن أن يكون مراده بالوجوب غير الوجوب المصطلح كما يؤيد ذلك ما حكي عنه في تهذيبه من أنه قال الوجوب عندنا على ضربين ضرب على تركه اللوم والعتاب وضرب على تركه العقاب وأما عن الاخبار فبان ظاهرها الاستحباب كما ستعرف وأما عن الآية الشريفة وهو قوله تعالى وآتوا حقه يوم حصاده فأولا باحتمال أن يكون المراد بالحق الزكاة المفروضة كما ذكره جمع من المفسرين و يؤيده أشعار سوقها بمعهودية الحق ومعلوميته قبل نزول هذه الآية ولكن في المدارك نقل هذا الجواب قبل ولكن ورد في أخبارنا إنكار ذلك روى المرتضى (ره) في الانتصار عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى وآتوا حقه يوم حصاده قال ليس ذلك الزكاة إلا ترى أنه قال ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين قال المرتضى (ره) وهذه نكتة مليحة لان النهي عن السرف لا يكون إلا في ما ليس بمقدر والزكاة مقدرة و ثانيا يحمل الامر على الاستحباب بشهادة قول الصادق عليه السلام في خبر معاوية بن شريح في الزرع حقان حق تؤخذ به وحق تعطيه أما الذي تؤخذ به فالعشر ونصف العشر وأما الذي تعطيه فقول الله عز وجل وآتوا حقه يوم حصاده يعني من حضرك الشئ بعد الشئ ولا أعلمه إلا قال الضغث ثمم الضغث حتى يفرغ فإنه كالنفس في عدم الوجوب وقول أبي جعفر عليه السلام في الصحيح أو الحسن عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير في قول الله عز وجل وآتوا حقه يوم حصاده هذا من الصدقة يعطى المسكين القبضة بعد القبضة ومن الجذاذ الحفنة بعد الحفنة حتى يفرغ إذ المتبادر منه إرادة الصدقة المندوبة هكذا قيل وفيه إنه لا يبعد أن يكون المراد به الصدقة المعهودة التي أمر الله تعالى نبيه بأن يأخذها من أموالهم أي الزكاة بمعنى أنه يحتسب منها فتكون هذه الرواية حينئذ مؤيدة للمعنى الذي ذكرها المفسرون وكيف كان فملخص الجواب عن الآية هو أنها مع قطع النظر عن الروايات الواردة في تفسيرها لا يفهم منها ثبوت حق أخر وراء العشر ونصف العشر وبملاحظة الروايات الدالة عليه فالعبرة بما يظهر لك من تلك الأخبار وهوي لا تدل بظاهرها إلا على الاستحباب هذا مع أن مثل هذا الحق لو كان واجبا لصار من حيث عموم الابتلاء به من الضروريات كالزكاة مع أن المشهور بين المسلمين خلافه فلا ينبغي الاستشكال فيه كما أنه لا مجال للارتياب في تأكد استحبابه للا ينبغي تركه وفيه أي في كتاب الزكاة قسمان الأول في زكاة المال والنظر فيمن تجب عليه وما تجب فيه ومن تصرف إليه أما الأول فتجب على البالغ العاقل
(٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»