مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٦٤١
العين والله العالم ولو لاقى النجاسة الخارجية الواصلة إلى الجوف في الجوف جسما طاهرا خارجيا كما لو شرب خمرا أو دما ثم ابتلع درهما فتلاقيا في الجوف نجس الدرهم ولا يطهر الا بغسله كما لو تلاقيا في الخارج لاطلاقات الأدلة الدالة على نجاسة ما يلاقى الخمر أو الدم أو غيرهما من النجاسات وعدم انصرافها إلى وقوع الملاقاة في مكان دون مكان بل لو لاقى الجسم الخارجي نجاسة باطنية في بعض البواطن التي تظهر للحس كالفم ومقدم الانف وباطن الاذن ونحوها لا يبعد الالتزام بنجاسته فان ما ادعيناه انفا من انصراف ما دل على اثار النجاسات عن النجاسات الباطنية الكامنة في الجوف قبل بروزها بالنسبة إلى الدم الواصل إلى مقدم الانف أو المجتمع في الفم ونحوه قابل للمنع فالقول بكون ملاقاة الدم ونحوه في الفم وأشباهه كالملاقاة في خارجه قوى مع أنه أحوط والله العالم واما غيبة الانسان فهي بنفسها ليست من المطهرات جزما ولكنها يوجب الحكم بطهارته وطهارة ما يتعلق به من الثياب ونحوها مع احتمال طرو الطهارة لامع القطع بعدمها بلا خلاف فيه في الجملة على الظاهر بل عن بعض دعوى الاجماع عليه ويشهد له استقرار اليسرة عليه وكون اشتراط تحصيل العلم بطهارة من علم نجاسته أو نجاسة شئ مما يتعلق به من الثياب ونحوها في جواز مساورته أو الصلاة خلفه أو نحوهما من الأشياء المشروطة بالطهارة موجبا للحرج ويؤيده بل يشهد له الأخبار الدالة على كراهة سؤر الحائض والجنب المتهمتين ونفى البأس عن سؤرهما إذا كانتا مأمونتين إلى غير ذلك من الشواهد والمؤيدات وهل يكفي مجرد احتمال الطهارة الناشئ من الغيبة أم يعتبر الظن بها أم لا يكفي مطلق أيضا بل الظن الخاص الحاصل من شهادة حاله أو مقاله فيعتبر على هذا التقدير علمه بالنجاسة واخباره بزوالها أو معاملة معاملة الطاهر بحيث يظهر منه ذلك وجوه بل أقول ذهب شيخنا المرتضى ره إلى الأخير نظرا إلى أنه هو القدر المتيقن الذي يمكن اثباته بالاجماع واليسرة ودليل نفى الحرج وغيرها ولا يكاد يستفاد منها أزيد من ذلك وانه بحسب الظاهر من باب تقديم الظاهر على الأصل ولذا استشهد غير واحد بظهور حال المسلم في تنزهه عن النجاسة وبالاخبار الدالة على وجوب تصديق المسلم وعدم اتهامه ولا يتم الظهور الا في الصورة المفروضة فالظاهر أن كل من تمسك له بظاهر الحال لا يقول الا بهذا القول بل هذا هو ظاهر كل من اشترط عمله بالنجاسة كما حكى عن صريح الشهيدين وظاهر غيرهما فان من المستبعد اشتراطهم لعلمه بالنجاسة وعدم اعتبار تلبسه بما يشترط بالطهارة والمراد بالظن الخاص بحسب الظاهر هو الظن الثاني الحاصل من الامارة الخاصة لا الظن الفعلي فان من المستبعد التزام أحد بذلك وكيف كان فهذا الوجه وان كان قويا لكن الأقوى هو الوجه الأول اعني كفاية مجرد الاحتمال الناشئ من الغيبة وعدم اشتراط علمه بالنجاسة ولا تلبسه بما يشترط بالطهارة فان عمدة مستند الحكم هو (هي) استقرار السيرة من صدر الشريعة على المعاملة مع المسلمين وما يتعلق بهم معاملة الطاهر بمجرد الاحتمال من غير فرق بين سبق علمهم بالنجاسة وعدمه ولابين كون من يعامل معه معاملة الطاهر ممن يظهر من حاله التجنب عن النجاسة أو يظهر عدمه أو يشتبه حاله فان الظاهر من حال العامة وكثير من الخاصة انهم لا يجتنبون عن كثير من النجاسات وربما يعتقدون طهارتها ويزعمون طهارة الميتة بالدباغة مع أنه لم يعهد التجنب عنهم ولا عما عليهم من اللبأس كما أنه لم يعهد التجنب عما في أيديهم واسوائهم من الجلود ونحوها من الأشياء التي مقتضى الأصل فيها النجاسة وبنائهم على عدم التجنب عنها مع حصول العلم غالبا اما تفصيلا أو اجمالا بمباشرتهم للنجاسات ومخالطتهم مع الكفار وعدم التطهر منها الا من باب الاتفاق * (فالقول) * باشتراط الظن بالطهارة فضلا عن أن يكون من سبب خاص كأنه نشأ عن الغفلة عما عليه بناء عامة الناس في معاملاتهم ومساوراتهم مع العامة والخاصة مع أن من المعلوم انه لو لم يكن الامر في صدر الشريعة بأسوأ من ذلك لم يكن بأحسن منه بل لولا البناء على الاكتفاء بالاحتمال لاختل نظم عيشهم * (فدعوى) * اندفاع الحرج لدى العمل بظاهر الحال غير مسموعة لكن لا يخفى عليك انه انما يتم الاستشهاد بالسيرة ونفى الحرج لاثبات المدعى بناء على ما هو المشهور من كون المتنجس على الاطلاق والا فلا يخلو الاستدلال بهما عن (من) نظر فالمتجه بناء على ما نفينا عنه البعد من عدم السراية هو القول الأخير والله العالم وهل يعتبر في الاعتماد على ظاهر الحال أو مطلق الاحتمال كون من يحكم بطهارته مكلفا أي عاقلا بالغا كما يظهر من بعض أم لا وجهان أظهرهما العدم لعدم كون البلوغ ملحوظا فيما جرت عليه اليسرة بل يكفي على الظاهر كونه ممن من شأنه مراقبة أحواله في التطهر ونحوه واما غير المميز فليس موردا لهذا الأصل فلو لم يجر عليه يد الغير لا يحكم بطهارته الا بعد العلم بارتفاع النجاسة السابقة وعند جريان يد الغير عليه هو بمنزلة سائر ما يتعلق بذلك الغير مما ستعرف حكمه وهل يختص مورد الحكم بشخصه وثيابه وما هو بمنزلتها أو يعم مطلق ما يتعلق به من أثاث بيته ونحوها فيه ترد ولكن لو اخبر بطهارتها يقبل قوله على الأظهر لما عرفت عند التكلم في اخبار ذي اليد بالنجاسة من أن الأقوى قبول قول صاحب اليد في مثل هذه الأمور والله العالم ويطهر التراب اي الأرض كما وقع التعبير بها في النافع فان المطهر هي (هو) الأرض التي وقع التعبير بها في أكثر الفتاوى ومعقد الاجماع المحكى عن غير واحد كما في الجواهر ويشهد به النصوص المعتبرة
(٦٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 636 637 638 639 640 641 642 643 644 645 646 ... » »»