ترتيب إصلاح المنطق - ابن السكيت الاهوازي - الصفحة المقدمة ٦
الموضوع إلى حد أن المرأة العربية إذا سمعت من ابنها " لحنا " في الكلام لا تجلس مكتوفة الأيدي، ولا تتخذ موقف اللامبالاة، بل تحاسب ابنها حسابا عسيرا وتعلمه الاستعمال الصحيح، وعندما كان عبد الملك بن مروان يسأل عن أسباب سريان الشيخوخة والكبر إليه مسرعا، كان يجيب لقد شيبتني اثنان:
1 - الصعود على المنبر، 2 - سماع الألحان والأخطاء. وكل هذا كان من أجل الدفاع عن لغتهم.
وقد أراد ابن السكيت مؤلف كتاب " اصلاح المنطق " ان يعالج أيضا داء " اللحن " والخطأ الذي كان قد استشرى وترسخ في لغة العرب التي هي لغة القرآن. فعمد إلى تأليف كتابه هذا وضمنه أبوابا ضبط بها جمهرة من لغة العرب وأنه جمع في كتابه هذا الألفاظ المتفقة في الوزن الواحد مع اختلاف المعنى، أو المختلفة فيه مع اتفاق المعنى، وما فيه لغتان أو أكثر، وما يعل ويصح وما يهمز وما لا يهمز، وما يشدد وما تغلط فيه العامة، ومع ملاحظة أن المقصود " بالمنطق " المعنى اللغوي له في تسمية الكتاب يعلم بالوضوح ان قصد المصنف من تأليف هذا الكتاب كان الاصلاح في منطق العامة ومعالجة داء " اللحن " فيه.
وكل ما جاء في هذا الكتاب، الكلمات المستعملة التي ينبغي لكل عربي ان يعرفها.
وقد عرف هذا الكتاب، واشتهر قديما واهتم به كبار اللغويين، وقد قال صاحب كتاب كشف الظنون: هو من الكتب المعتبرة المصنفة في الأدب العربي، ولذلك تلاعب الأدباء فيه بأنواع من التصرفات.
إن مؤلف الكتاب هو يعقوب بن إسحاق السكيت الخوزي الدورقي الأهوازي وكان من الشيعة الإمامية ويكنى بابي يوسف ويعرف ب‍ " ابن السكيت " و " السكيت " لقب أبيه إسحق، لأنه كان كثير السكوت طويل الصمت، وأبوه كان من أصحاب الكسائي النحوي المعروف وأحد علماء اللغة والشعر.
وكان ابن السكيت من أعلم الناس باللغة والشعر والنحو والأدب وحامل راية العلوم العربية ومن الرجال الثقات وأفاضل الامامية وكان ثقة لدى علماء الرجال وأرباب السير، وكان عالما بالقرآن ونحو الكوفيين، وأخذ عن الفراء وابن الاعرابي وأبي عمر والشيباني، وكانت له مع فصحاء العرب لقاءات، ونقل ما سمعه عنهم في كتبه..
ويقول ثعلب: ان ابن السكيت كان يمتلك القدرة على التصرف بالعربية ولا نعرف في اللغة بعد ابن الاعرابي من هو أعلم منه.
وعلى الرغم من أن ابن السكيت كان من خاصة الإمام محمد الجواد والإمام علي الهادي عليهما السلام ومن محبي الإمام علي أمير المؤمنين - ع - وأهل بيت النبي - ص - إلا أنه كان في الوقت نفسه معلما للمعتز والمؤيد ابني المتوكل العباسي.
ونقل صاحب قاموس الاعلام أن المتوكل سأله يوما حينما كان مشغولا بتعليم ولديه: أيهما
(المقدمة ٦)
الفهرست