ترتيب إصلاح المنطق - ابن السكيت الاهوازي - الصفحة المقدمة ٨
إنني بعد أن أدركت أهمية كتاب " إصلاح المنطق " وقيمته العلمية ودوره في صيانة اللغة العربية مع كثرة أشغالي الأخرى، شمرت عن ساعدي الجد لإعادة ترتيب هذا الكتاب الثمين بالشكل المعجمي المألوف حاليا، وضحيت بساعات عمري الثمينة فداء للحظات أعمار الباحثين المفيدة، فأخرجت الكتاب من زوايا المكتبات حيث لم يكن له أي أثر إلا زيادة عدد كتب هذه المكتبات وأخرجته إلى ميدان التحقيق وحررته من الهجران والنسيان لأضعه تحت تصرف الباحثين، حيث احتاج هذا العمل إلى أكثر من ثلاث سنوات، وأقدمه بشكله الحالي إلى عالم التحقيق والبحث وسميته ب‍ " ترتيب اصلاح المنطق لابن السكيت ".
وقد ركزت جهدي على نسخة حققها احمد محمد شاكر رئيس محكمة المنصورة الابتدائية الشرعية بمساعدة عبد السلام محمد هارون " عضو لجنة احياء آثار أبى العلاء المعري " وطبعت لأول مرة بمصر. وقد اعتمد الأستاذ محمد احمد شاكر في تحقيقه على النسخة الخطية الموجودة في مكتبة مدينة المنصورة المصرية. وانه في معرض حديثه عن هذه النسخة يقول: وزاد في نفاسة هذه النسخة أنها أصل الأصول العالية المعتمدة، وأنها قرئت في سنة 372 على الامام الكبير (أحمد بن فارس) أستاذ الصاحب بن عباد، ومؤلف مقاييس اللغة والصاحبي والمجمل وغيرها، وإن ثبت القراءة مكتوب على النسخة بخطه في سنة 375 ه‍. ونص ما كتب أحمد بن فارس:
قرأ علي أبو القاسم أحمد بن الحسن صانه الله كتاب إصلاح المنطق لأبي يوسف يعقوب ابن السكيت من أوله إلى آخره عن ظهر قلبه غير مرة وهو يومئذ على ما ذكره أبوه حفظه الله ابن ثلاث عشرة سنة وذلك في سنة اثنين وسبعين وثلاثمأة وكتب أحمد بن فارس في شهر رمضان من سنة خمس وسبعين وثلاثمأة وصلى الله على محمد وآله.
وكما قيل آنفا: إن الأصل الأول لهذا التحقيق هي النسخة المودعة بمكتبة المنصورة ومن مزاياها أنها قرأت على أحمد بن فارس، وفي أثنائها شروح وتعليقات منسوبة إليه، ومما انفردت به أيضا تعليقات لأبي الحسن علي بن عبد الله الطوسي وكان معاصرا لابن السكيت، قرينا له في الاخذ عن ابن الاعرابي ونصران الخراساني اللغوي، قال ابن النديم: " وكانت كتب نصران لابن السكيت حفظا، وللطوسي سماعا ". وهذه النسخة أقدم الأصول وقد أشير إليها بالرمز (1).
والنسخة الثانية التي اعتمدها المحقق في تحقيقه هي مخطوطة دار الكتب المصرية المودعة برقم 27 لغة، وهي من أغزر النسخ جميعها مادة، إذ بها كثير من الزيادات التي ليست من أصل الكتاب، كما أنها تحوي في أثنائها مقابلات لنسخ مختلفة من أصول الكتاب يشار إليها برموز مختلفة، كما نجد فيها عناية خاصة بنسبة الاشعار والأرجاز إلى قائليها. وتاريخ
(المقدمة ٨)
الفهرست