نشأة التشيع والشيعة - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٧٩
(يا أيها الناس من مقالة بلغتني عن بعضكم في تأمير أسامة، ولئن طعنتم في تأميري أسامة لقد طعنتم في تأمير أبيه من قبل، وأيم الله إن كان لخليقا بالامارة، وإن ابنه من لخليق بها) (128).
وهذان الاتجاهان اللذان بدا الصراع بينهما في حياة النبي (صلى الله عليه وآله)، قد انعكسا على موقف المسلمين من إطروحة زعامة الامام للدعوة بعد النبي (صلى الله عليه وآله). فالممثلون للاتجاه التعبدي وجدوا في النص النبوي على هذه الأطروحة سببا بقبولها، دون توقف أو تعديل.
وأما الاتجاه الاجتهادي فقد رأى أنه بامكانه أن يتحرر من الصيغة المطروحة من قبل النبي (صلى الله عليه وآله)، إذا أدى اجتهاده إلى صيغة أخرى أكثر انسجاما - في تصوره - مع الظروف.
وهكذا ترى أن الشيعة ولدوا منذ وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) مباشرة متمثلين في المسلمين الذين خضعوا عمليا لأطروحة زعامة الامام وقيادته التي فرض النبي الابتداء بتنفيذها من حين وفاته مباشرة، وقد تجسد الاتجاه الشيعي، منذ اللحظة الأولى في إنكار ما اتجهت إليه السقيفة من تجميد لأطروحة زعامة الإمام علي، واسناد السلطة إلى غيره.
ذكر الطبرسي في الاحتجاج عن أبان بن تغلب قال: (قلت

(128) راجع الطبقات الكبرى / لابن سعد / ج 2 / ص 248، وراجع أيضا الكامل في التاريخ / لابن الأثير / ج 2 / ص 318 / 319.
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة