نشأة التشيع والشيعة - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ١٣٦
(لما اشتد بالنبي وجعه قال: ائتوني بكتاب اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده. قال عمر: إن النبي غليه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا. فاختلفوا وكثر اللغط. قال - أي النبي - قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع. فخرج ابن عباس يقول: الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين كتابه...) (102).
ولعل من المناسب أن نذكر هنا محاورة رواها ابن عباس جرت بينه وبين عمر بن الخطاب في أوائل عهده بالخلافة، وملخصها أن عمر قال له: (يا عبد الله عليك دماء البدن إن كتمتها... هل بقي في نفس علي شئ من أمر الخلافة؟ قلت: نعم، قال: أيزعم أن رسول الله نص عليه؟ قلت: نعم، فقال عمر، لقد كان في رسول الله من أمره ذروة من قول؟ لا يثبت حجة، ولا يقطع عذرا.. ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعت من ذلك اشفاقا وحيطة على الاسلام... فعلم رسول الله ما في نفسي فأمسك...) (103) وسواء صحت أم لا، فإن هناك ما يؤيد هذا المسعى من الخليفة عمر في أكثر من مناسبة لاحقا ، وقد صرح مرة كما نقل الطبري عنه: (إن قومكم يكرهون أن تجتمع فيكم - والخطاب لابن عباس أيضا - النبوة والخلافة...) (104).
والظاهر أن ترك رسول الله (صلى الله عليه وآله) للكتابة والعهد

(١٠٢) صحيح البخاري / ج ١ / ص ٣٧، كتاب العلم - باب كتابة العلم، وراجع ج 8 / ص 161 كتاب الاعتصام. طبعة أوفسيت عن طبعة دار العامرة - استانبول - دار الفكر بيروت.
(103) شرح نهج البلاغة / لابن أبي الحديد / ج 3 / ص 97. دار الكتب العربية الكبرى / مصر.
(104) راجع: تاريخ الطبري / ج 3 / ص 577 / طبعة دار الكتب العلمية - بيروت.
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة