نشأة التشيع والشيعة - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ١٣٢
وليس إلا بسبب عدم فقههم بالقرآن.
وقد تحدث الإمام علي عن هذه المسألة في معرض ذمه لمثل هذا الاختلاف مع وجود القرآن بين أظهرهم، فقال (عليه السلام):
(ترد على أحدهم القضية، في حكم من الاحكام، فيحكم فيها برأيه، ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره، فيحكم فيها بخلاف قوله، ثم يجتمع القضاة بذلك عند الامام الذي استقضاهم فيصوب آراءهم جميعا، وإلههم واحد! ونبيهم واحد! وكتابهم واحد! أفأمرهم الله سبحانه بالاختلاف فأطاعوه؟! أم نهاهم عنه فعصوه؟! أم أنزل الله دينا ناقصا ماستعان بهم على اتمامه؟! أم كانوا شركاء له فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى؟! أم أنزل الله دينا تاما فقصر الرسول (صلى الله عليه وآله) عن تبليغه وأدائه، والله سبحانه وتعالى يقول: (... ما قرطنا في الكتاب من شئ) (92) (... ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدي ورحمة...) (93)، وذلك أن الكتاب يصدق بعضه بعضا وانه - أي القرآن - لا اختلاف فيه فقال سبحانه (... ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) (94). وإن القرآن ظاهره أنيق...) (95) إذن

(92) الانعام / 38.
(93) النحل / 89.
(94) النساء / 82.
(95) راجع النص في الخطبة 18 / نهج / البلاغة ضبط الدكتور صبحي الصالح / ص 60 / 61، وراجع: الصواعق المحرقة / ص 152، نقل عن الإمام زين العابدين في دعاء له قائلا:
(فإلى من يفزع خلف هذه الأمة وقد درست أعلام هذه الملة، ودانت الأمة بالفرقة والاختلاف يكفر بعضهم بعضا، والله تعالى يقول: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات) فمن الموثوق به على إبلاغ الحجة وتأويل الحكم إلا أبناء أئمة الهدى، ومصابيح الدجي الذين احتج الله بهم على عباده، ولم يدع الخلق سدى من غير حجة، هل تعرفونهم أو تجدونهم إلا من فروع الشجرة المباركة وبقايا الصفوة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وبرأهم من الآفات وافترض مودتهم في الكتاب...).
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة