التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١٨٣
الحملة بقدر ما فاجأه التوقيت. فاستعد للامر ودخل المعركة بامكانيات محدودة، خاصة وأن قائده الشجاع إبراهيم بن الأشتر كان لا يزال في الموصل (1) لأسباب غير واضحة تماما، وربما كانت لإبراهيم مسوغاته في الابتعاد عن الكوفة والانشغال عنها بأمور غير أساسية، وأن التزامه في التحالف مع المختار كان مرحليا ليس أكثر، وكان هذا الأخير يدرك ذلك ويرى في قائده منافسا خطيرا أكثر من مجرد حليف مخلص.
وفي أثناء القتال الذي احتدم في (حروراء) (2) بين كل من الجيشين، برز تفوق الزبيريين بشكل ملحوظ وازداد ضغطهم على رجال المختار الذين تراجعوا مهزومين، تتبعهم جنود ابن الزبير. وما لبثت أخبار الكارثة ان وصلت إلى المختار الذي اعتصم في قصر الامارة بعض الوقت، غير أنه خرج يطلب الموت (3) - على حد تعبيره - بعد أن اشتدت عليه وطأة المحاصرين، فقتل بعد مقاومة بطولية نادرة، وانطوت فكرة الحكومة الشيعية في الكوفة التي غابت معه وكان غيابها طويلا جدا.

(١) فلهوزن: الخوارج والشيعة: ٢٢٩.
(2) ابن الأثير: 4 / 113.
(3) قال لأصحابه وهو خارج إلى القتال: ان الحصار لا يزيدنا الا ضعفا، فانزلوا بنا نقاتل حتى الليل ونموت كراما. ابن الأثير: 8 / 288.
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 » »»