التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١٦٩
التوابي المنسحب، لم يكن بمقدوره، وهو المتقدم في السن والمهزوم عسكريا، أن يتزعم الحزب الشيعي المفكك حينئذ. فهناك فراغ في الزعامة، واختلاف في آراء القادة حول موقف الحزب من التطورات السياسية الجديدة، وهناك تململ في أوساط القاعدة الجماهيرية التي لا تزال تتفجر بالنقمة وتقوم بضغوط على القيادة من أجل استئناف التحرك واتخاذ قرارات أكثر جدية.
وكانت هذه الظروف فرصة نادرة امام الزعيم الشيعي المعتقل آنذاك في سجن الكوفة، المختار الثقفي. فراقبها باهتمام كبير، وكتب إلى صهره عبد الله بن عمر موسطا إياه من جديد لدى عبد الله بن يزيد أمير الكوفة (1) من أجل الافراج عنه. وقد تم له ذلك لقاء عهود قطعها لهذا الأخير (2) بعدم إثارة المتاعب وتجميد نشاطاته السياسية. ولكن المختار لم يكن بأية حال ذلك الرجل الذي يلتزم بعهود من هذا النوع وهو المحنك والسياسي الطموح، وانما سخر منها، وعجب لسذاجة الذين اعتقدوا انه سيحافظ عليها حيث قال: ما أحمقهم حين يرون اني أفي لهم بايمانهم هذه، أما حلفي لهم بالله فإنه ينبغي لي

(1) ابن الأثير: 4 / 89.
(2) الطبري: 7 / 94.
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»