الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ١٠
وأقول: (أكثر كتابنا)، لان هنالك (قلة) نصبت أقلامها للذود عن المستقبل، والدفاع ضد التيار المخرب، متحملة في ذلك عنت الفساد وسلطانه، ومتحدية في المجتمع مراكز استيراد الأفكار، وعناصر اللامبالاة، وهؤلاء القلة لا تكاد والحمد لله تخلو منهم ارض الاسلام، يكتبون بكل لغة، ويحاربون في كل معركة، ايمانا منهم بوحدة المقاتلين امام الخطر الزاحف. ومن هؤلاء القلة مؤلفنا هذا، الذي يدخل اسمه لأول مرة حقل اللغة العربية، بنشر ذلك الكتاب: (الاسلام يتحدى)، وان كان لاسمه رنين مدو في شبه القارة الهندية، باعتباره ثالث اثنين، يتولون قضية الاسلام المعاصر في وجه الزحف الفكري:
أبو الأعلى المودودي، وأبو الحسن الندوي، ووحيد الدين خان.
والحق ان علماء باكستان والهند المسلمين قد أتيح لهم ان يتصلوا اتصالا مباشرا بمصادر المعرفة الحديثة، حتى أصبحوا من اعلامها، وهم في هذا يضارعون أكثر علمائنا العرب اتصالا بثقافة الغرب، مع فارق جوهري، في رأينا، هو ان الأولين الذين نشير إليهم لم يغرقوا أنفسهم في المعرفة الأكاديمية، لتستولي من بعد على عقولهم وأقلامهم، وليصبحوا مجرد ناشرين، أو مفسرين، أو حتى معلقين، على ما يقدمون من فكر الغرب وعلومه.
لقد وقف هؤلاء عمالقة في وجه التيار وانغمسوا في مشكلات الجماهير وحاولوا ان يقدموا لهم تصوراتهم من أجل المستقبل، ومن أجل تحريك الثورة الفكرية في كيان الانسان المسلم، فهم في الحقيقة كتاب ثوريون، ذوو أصالة ووعي وايمان.
وليس من السهل ان نقول: انهم جميعا يمثلون طريقة واحدة في الأداء، برغم ان هدفهم واحد، فان لكل منهم أداءه الخاص، وطريقته الفذة التي عرفته بها الجماهير المسلمة.
وحسنا ان نقرأ هذا الكتاب الجديد لندرك انه يمثل عقلا وثقافة ومنهجا يختلف بها مؤلفه عن جميع من عرفنا من الكتاب المعاصرين ولعل من المناسب ان أورد هنا ما كتبه المؤلف في صحيفته (الجمعيت الأسبوعية) في عدد 7 من فبراير 1969، موضحا الدور الذي يحاول ان يقوم به، قال:
(ان المشكلات التي يواجهها الاسلام في هذا العصر، منها ما هو علمي، يوجه اليه بلغة العلم ومصطلحاته، ولذلك كان لزاما ان نضع إجاباتنا في مواجهة هذه الحملات المسعورة بنفس المصطلحات العقلية والعلمية التي يستخدمها المعارضون للدين. ولا زال هذا الميدان، منذ امد طويل مجالا لنشاطي واهتمامي، حتى كان آخر ما كتبت: (الاسلام يتحدى).
والميدان الثاني لنشاطي هو ما نسميه بميدان بناء الأمة الاسلامية وتعميرها، والعمل على نهضتها، وعلينا في هذا المجال ان نكشف العلل، ونمحص الأسباب السياسية والاجتماعية التي
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»