الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ٢٢
وعلى الرغم من الاحكام التي قدمها علم النفس حول امكان ان يكون المرء محايدا في أبحاثه، أو لا، فإنني أسلم نظريا بأنه لا بد لكل مؤلف ان يبذل قصارى جهده، لكي يكون محايدا، من أجل الوصول إلى نتيجة ما، وهذا هو ما يقصده كل كاتب امين. لكن هذا الكاتب نفسه، عندما يجلس إلى مكتبه في الواقع لا نجده باحثا عن الحقيقة أثناء كتابته، بل يكون قد توصل إلى احكام محددة المعالم.
وهناك طريقة أخرى، هو ان يسرد المؤلف قصة بحثه بجميع مراحلها، غير أن اعتبار مثل هذا الكتاب محايدا لا يعدو ان يكون قناعا مزركشا تختبئ تحته أهداف المؤلف. فليس هناك من كاتب يبدأ دراسته عندما تبدأ الكتابة، وانما هو يعرض نتائج بحثه في كتابه.
فالكتاب انما يكون ذاتيا أو موضوعيا، بالنظر إلى طريقة ترتيبه للموضوعات، ولا علاقة لهذا الترتيب بحياد البحث أو موضوعيته.
* * * لقد وردت كلمة (الدين) كثيرا في هذا الكتاب، وليس لاحد ان يغالط في هذا الموضوع..
فان الكتاب يدور حول موضوع عام، ولذلك كان لاستعمال الكلمة العامة أهميته. اما ذهن المؤلف، فإنه لا يقصد بالكلمة شيئا وهميا، وانما يعني (الدين) المعتمد عند الله تعالى الآن وهو دين الاسلام. وانا حين أطالب مواطنا هنديا بمراعاة القانون، فليس معنى ذلك أنه تكفيه مراعاة قانون ما، أو أي جزء من دستور الهند، وانما عليه مراعاة ذلك القانون الذي يعتبر دستور البلاد الرسمي. وهكذا، فالمراد بالدين العملي اليوم هو الاسلام، مع أنه من الممكن اطلاقه على أي شئ عرف في التاريخ بذلك الاسم، ولكن الدين الذي يجلب رضا الله تبارك وتعالى، والذي يكفل لمعتنقيه نجاة الآخرة، هو الاسلام لا غير..
* * * لقد تعرضت لسؤال بعد محاضرة، ألقيتها في احدى الجامعات، ذات مرة، وكنت أشرت في محاضرتي إلى مقال لفرويد، فوقف أستاذ في علم النفس، أثناء فترة الأسئلة، وقال: ( لقد أشرتم إلى مقال لفرويد، تأييدا لنظرية دينية، على حين يعارض (فرويد) معارضة كاملة تلك النظرية التي تمثلونها).
ومن الممكن إثارة هذا السؤال، حول هذا الكتاب، على نطاق أوسع.. فهناك اقتباسات كثيرة وردت فيه، ومن الجائز الا يوافق أصحابها على النتائج التي توصلت إليها.
وعلى سبيل المثال: الاقتباس الذي ورد في آخر الباب الخامس (دليل الآخرة). ولكن هذا الاعتراض غير ذي موضوع، لان المؤلف لا يدعي ان هذه الشخصيات تؤيد قضاياه.. وبكلمة أخرى، لم يقل المؤلف: ان هذه القضية، أو تلك، صادقة لان فلانا يصدقها أو
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»