الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ١٩
تمهيد الموضوع الذي سندرسه في الصفحات التالية ليس بجديد بالنسبة إلى اللغة الأردية. ولكن المؤلف يشعر بأنه لا يزال ناقصا، رغم الجهود الطيبة التي بذلها بعض الكتاب.
والعصر الحديث يسمى: (عصر الالحاد)، لانكاره الدين. وهذا الالحاد ليس محض ادعاء. بل يرى أصحاب نظريته انها طريقة بحث ودراسة، اهتدى إليها الانسان، بعد التطور الحديث في ميادين العلم المختلفة، وهذه (الدراسة التطورية) لا تهدف إلى اثبات نظرية ما أو انكارها، وانما هي منهج خالص في البحث، أثبت لأصحابه ان الدين باطل، ويمكن ان نفهم هذه الطريقة الجديدة في ما قاله ت. ر.. مايلز:
(ان الدراسة الجديدة هي تكنيك ومنهج ونمط معين لمواجهة الأسئلة، وهي لا تستهدف وضع إجابات قطعية. وهو من هذا الوجه تغير هام طرا على الفلسفة في النصف الأخير من هذا القرن، ولسوف يبقى هذا التغير مستمرا، دون امل في توقفه على المدى (1) البعيد).
ولا بد لباحثينا إذا ما أرادوا البحث في العلوم الحديثة، دفاعا عن الدين، الا يغيب عن أذهانهم هذا التفسير، سواء اعتبرناه تفسيرا علميا محضا توصل اليه المفكرون المحدثون، أو اعتبرناه مجرد ملجا جميل، ركنوا اليه، حين أخفقوا في البحث عن التفسير المادي للكون، بعد انكار الدين.
وعلى سبيل المثال: ان الاعمال التي قام بها علماؤنا لاثبات النبوة، تفترض مقدما ان العصر الحديث يدعي: ان محمدا صلى الله عليه وسلم (كان نبيا كاذبا)، فيبدأون في جمع كميات كبيرة من المواد التي تثبت ان محمدا كان (نبيا صادقا). ومغزى القول: ( كان محمد نبيا كاذبا)، هو ان هناك أنبياء آخرين صادقين، على حين يشك الانسان الجديد في المبدأ نفسه، فهو لا يؤمن بالنبوة أصلا. فأما (النبي الكاذب) False Prophet فهو اعتراض قديم جاء به اليهود والنصارى، الذين يؤمنون بأنبيائهم، وينكرون نبي الاسلام.
واما العقل الحديث، فلا يبحث عما إذا كان محمد نبيا (صادقا أو كاذبا)، وانما يبحث عن

(1) Religion & the Scientific Outlook, 1954, P 13.
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»