الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ١٥
دون مساس بقضية الإلهية مؤقتا، لأنها ذات حساسية خاصة، وبمرور الزمن، ومع الف المسلم لهذا التجريد يسهل في نهاية الامر تحطيم فكرة الإلهية أساسا في عقله ووجدانه وإذا بقيت افتراضا، فلا ضرر منها، ولا خطر، لأنها حينئذ لن تكون سوى بقايا دين، كان موجودا ذات يوم بعيد.
وهكذا يحكم أعداء الاسلام مخططاتهم، ويدبرون لتدمير الدين ومبادئه، ابتداء من ابسط السنن والواجبات، وانتهاء إلى قضية القضايا: وجود الله ذاته.
فإذا أفرد بعض العلماء مسالة وجود الخالق بالعلاج العلمي فقليل منهم فيما اعلم من تصدي لعلاج هذه القضايا جميعا، وبخاصة هذا الكتاب: (الاسلام يتحدى). واحسب انه من هذه الناحية سوف يصبح متى بلغ عمق المجتمع دستور الاقناع الديني، أو كما يعبر العنوان الفرعي الذي تخيرناه له: (مدخلا علميا إلى الايمان).
وقد كان المؤلف منطقيا مع عصره إلى أبعد الحدود، فإذا كان أقطاب الالحاد في الفلسفة الحديثة قد وضعوا لضحاياهم مدخلا علميا إلى الكفر، فلا مناص من أن يحاول هو بحسه الصادق، ووعيه بحاجة المسلمين وضع مدخل علمي إلى الايمان، يعتبر أساسا لعلم كلام، أو علم توحيد جديد. وهذا هو الاعتبار الذي كان من وراء الحماس المخلص، بذله مترجم الكتاب الأستاذ ظفر الاسلام خان، نجل المؤلف، واقتضاني ان أعكف شهورا تبلغ سنوات على مراجعته، وتحقيق نصوصه الدينية.
ولذلك سوف نجده يعرض (قضية معارضي الدين) بكل حيدة وأمانة، حتى لا يتهم من أول لحظة بمخالفة المنهج العلمي، ثم يبدأ في مناقشتها معتمدا في الأساس على الانتاج الفكري الغربي، من باب (وشهد شاهد من أهلها) (1)، مرجئا مسالة استخدام الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية في آراء الأعداء قبل الأصداء.
ولا يتبادرن إلى ذهن القارئ ان المؤلف رجل دين متحمس، يبشر بدعوة الاسلام بأسلوب جديد، انه مفكر مصلح يعمل بالصحافة، رئيسا لتحرير مجلة (الجمعيت الأسبوعية) وما عرضته هنا هو نتيجة تأمل واهتمام مؤرق بمشكلات الشباب المسلم، حتى أصدر كتابه هذا عام 1966، وما زال وفيا لقضيته، مجاهدا في سبيلها.
ولئن كنا قد المحنا قبل بضعة أسطر إلى بعض ملامح منهجه، فان تنظيم هذا المنهج قد اقتضاه ان يضع قضاياه في ترتيب منطقي:
فهو قد وضع كتابه علاجا للمشكلات العقيدية التي تواجه البشر، ولما كان المتوارد

(1) يوسف / 26.
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»