الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ٣٣
حسنا، ولكن لماذا تكون هذه الخلايا حمراء؟
في هذه الخلايا مادة تسمى (الهيموجلوبين) وهي مادة تحدث لها الحمرة حين تختلط بالأوكسجين في القلب.
هذا لجميل. ولكن من أين تأتي هذه الخلايا التي تحمل الهيموجلوبين؟
انها تصنع في كبدك.
عجيب! ولكن كيف ترتبط هذه الأشياء الكثيرة من الدم والخلايا والكبد وغيرها، بعضها ببعض ارتباطا كليا، وتسير نحو أداء واجبها المطلوب بهذه الدقة الفائقة؟
هذا ما نسميه بقانون الطبيعة.
ولكن ما المراد بقانون الطبيعة هذا. يا سيدي الطبيب؟
المراد بهذا القانون هو الحركات الداخلية العمياء للقوى الطبيعية والكيماوية.
ولكن لماذا تهدف هذه القوى دائما إلى نتيجة معلومة؟ وكيف تنظم نشاطها، حتى تطير الطيور في الهواء، ويعيش السمك في الماء، ويوجد انسان في الدنيا، بجميع ما لديه من الامكانات والكفاءات العجيبة المثيرة؟
لا تسألني عن هذا، فان علمي لا يتكلم إلا عن: (ما يحدث)، وليس له ان يجيب: (لماذا يحدث؟).
يتضح من هذه الأسئلة مدى صلاحية العلم الحديث لشرح العلل والأسباب وراء هذا الكون.
ولا شك انه قد ابان لنا عن كثير من الأشياء التي لم نكن على معرفة بها، ولكن الدين جواب لسؤال آخر، لا يتعلق بهذه الكشوف الحديثة العلمية، فلو أن هذه الكشوف زادت مليون ضعف عنها اليوم فسوف تبقى الانسانية بحاجة إلى الدين، ان جميع هذه الكشوف حلقا ثمينة من السلسلة، ولكن ما يحل محل الدين لا بد ان يشرح الكون شرحا كليا وكاملا. فما الكون على حاله هذه الا كمثل ما كينة تدور تحت غطائها، لا نعلم عنها الا انها (تدور:، ولكنا لو فتحنا غطائها فسوف نشاهد كيف ترتبط هذه الماكينة بدوائر وتروس كثيرة، يدور بعضها ببعض، ونشاهد حركاتها كلها. هل معنى هذا اننا قد علمنا خالق هذه الماكنة بمجرد مشاهدتنا لما يدور داخلها؟ هل يفهم منطقيا ان مشاهدتنا هذه أثبتت ان الماكينة جاءت من تلقاء ذاتها، وتقوم بدورها ذاتيا؟ لو لم يكن هذا الاستدلال منطقيا فكيف إذن نثبت بعد مشاهدة بعض عمليات الكون انه جاء تلقائيا، ويتحرك ذاتيا؟...
لقد استغل البروفسور هريز (A. Harris) هذا الاستدلال حين نقد فكرة داروين عن النشوء والارتقاء، فقال:
(٣٣)
مفاتيح البحث: الطب، الطبابة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»