صاحب بلاد فارس وكان صمصام الدولة مريضا فتمكن أسفار من الذي عزم عليه، فلما ابل من مرضه استمال فولاذ زماندار فاجابه، وقاتل أسفار فهزمه فولاذ واخذ الأمير أبو نصر أسيرا واحضر عند أخيه صمصام الدولة فرق له وعلم أنه لا ذنب له واعتقله وكرمه، وفيها سار شرف الدولة أبو الفوارس بن عضد الدولة من فارس يطلب الأهواز وأرسل إلى أخيه أبي الحسين ان مقصده العراق وتخليص أخيه الأمير أبي نصر من محبسه، ثم سار شرف الدولة إلى الأهواز وملكها وملك البصرة، وبلغ الخبر إلى صمصام الدولة فراسله في الصلح فاستقر الامر على أن يخطب لشرف الدولة بالعراق قبل صمصام الدولة، ويكون صمصام الدولة نائبا عنه، ويطلق أخاه الأمير بهاء الدولة أبا نصر ويسيره إليه، وصلح الحال واستقام ثم عاد عن الصلح وعزم على قصد بغداد ولم يحلف لأخيه. وسار من الأهواز إلى واسط فأرسل إليه صمصام الدولة أخاه أبا نصر يستعطفه باطلاقه. ثم توفي شرف الدولة شيرزيل سنة 379، ولما أيس أصحابه منه سألوه ليأمر أخاه بهاء الدولة أبا نصر انه ينوب عنه إلى أن يعافى لئلا تثور الفتنة، ففعل ذلك وتوقف بهاء الدولة، ثم أجاب إليه، فلما مات جلس بهاء الدولة في المملكة وقعد للعزاء وركب الطائع إلى العزاء في الزبزب، فتلقاه بهاء الدولة، وقبل الأرض بين يديه وانحدر الطائع إلى داره وخلع على بهاء الدولة خلع السلطنة وأقر بهاء الدولة أبا منصور بن صلحان على وزارته. وكان شرف الدولة قد سير ولده الأمير أبا علي إلى فارس، وكان المرتبون في القلعة التي بها صمصام الدولة واخوه أبو طاهر قد اطلقوهما واجتمع على صمصام الدولة كثير من الديلم وسار الأمير أبي علي إلى شيراز ووقعت الفتنة بها بين الأتراك والديلم وخرج ا لأمير أبو علي إلى معسكر الأتراك وجرى بينهم قتال عدة أيام وسار أبو علي إلى أرجان وعاد الأتراك إلى شيراز فقاتلوا صمصام الدولة ومن معه من الديلم وعادوا إلى أبي علي بأرجان، ثم وصل رسول من بهاء الدولة إلى أبي علي وأدي الرسالة وطيب قلبه ووعده ثم إنه راسل الأتراك سرا واستمالهم إلى نفسه وأطمعهم فحسنوا لأبي علي المسير إلى بهاء الدولة فسار إليه فلقيه بواسط منتصف جمادي الآخرة سنة 380 فانزله وأكرمه وتركه عدة أيام وقبض عليه ثم قتله بعد ذلك بيسير وتجهز بهاء الدولة للمسير إلى الأهواز لقصد بلاد فارس. وفيها وقعت الفتنة ببغداد بين الأتراك والديلم ودام القتال خمسة أيام، وبهاء الدولة في داره يراسلهم في الصلح فلم يسمعوا قوله، وقتل بعض رسله، ثم خرج إلى الأتراك وحضر القتال معهم فاشتبه الامر ثم شرع في الصلح ورفق بالأتراك وراسل الديلم فاستقر الحال وحلف بعضهم لبعض وكانت مدة الحرب اثني عشر يوما، ثم إن الديلم تفرقوا واخرج بعضهم وقبض على البعض فضعف امرهم وقويت شوكة الأتراك، وفي هذه السنة سار فخر الدولة من الري عازما على قصد العراق والاستيلاء عليها ووصل إلى الأهواز فملكها وأساء السيرة مع جندها فلما سمع بهاء الدولة بوصولهم إلى الأهواز سير إليهم العساكر والتقوا هم وعساكر فخر الدولة فاتفق ان دجلة الأهواز زادت ذلك الوقت زيادة عظيمة وانفتحت البثوق منها، فظنها عسكر فخر الدولة من ذلك وكان قد استبد برأيه فعاد حينئذ إلى رأي وزيره الصاحب بن عباد فأشار ببذل وتفرق عنه كثير من عسكر الأهواز فعاد إلى الري وملك أصحاب بهاء الدولة الأهواز، وكان أبو طاهر إبراهيم وأبو عبد الله الحسين ابنا ناصر الدولة بن حمدان هذه السنة في خدمة شرف الدولة ببغداد فلما توفي وملك بهاء الدولة استأذناه في الاصعاد، إلى الموصل فاذن لهما فاصعدا، ثم علم القواد الغلط في ذلك فكتب بهاء الدولة إلى خواشاذه وهو يتولى الموصل يأمره بدفعهما عنها، فأرسل إليهما خواشاذه يأمرهما بالعود عنه، فأعادا جوابا جميلا وجدا في السير حتى نزلا بظاهر الموصل وثار أهل الموصل بالديلم والأتراك فنهبوهم وخرجوا إلى بني حمدان وخرج الديلم إلى قتالهم فهزمهم المواصلة وبنو حمدان وسير بنو حمدان خواشاذه ومن معه إلى بغداد وأقاموا بالموصل. وفيها قبض بهاء الدولة على أبي الحسن محمد بن عمر العلوي الكوفي وكان قد عظم شانه مع شرف الدولة فلما ولي بهاء الدولة سعى به أبو الحسن المعلم وأطعمه في أمواله فقبض عليه. وفيها أسقط بهاء الدولة ما كان يؤخذ من المراعي من سائر السواد. وفي سنة 380 سار بهاء الدولة عن بغداد إلى خوزستان عازما على قصد فارس، واستخلف ببغداد أبا نصر خواشاذه ووصل إلى البصرة ودخلها وسار عنها إلى خوزستان فاتاه نعي أبي طاهر فجلس للعزاء ودخل أرجان فاستولى عليها واخذ ما فيها من الأموال فكان ألف ألف دينار وثمانية ألف ألف درهم ومن الثياب والجواهر ما لا يحصى فلما علم الجند بذلك شغبوا شغبا متتابعا، فأطلقت تلك الأموال كلها لهم ولم يبق منها الا القليل، ثم سارت مقدمته وعليها أبو العلاء بن الفضل إلى النوبندجان وبها عساكر صمصام الدولة فهزمهم وبث أصحابه في نواحي فارس فسير إليهم صمصام الدولة عسكرا وعليهم فولاد ماندار وكان بين العسكريين واد وعليه قنطرة، وكان أصحاب أبي العلاء يعبرون القنطرة ويغيرون على اثقال الديلم عسكر صمصام الدولة، فوضع فولاذ كمينا عند القنطرة فلما عبر أصحاب بهاء الدولة خرجوا عليهم فقتلوهم جميعهم وأرسل فولاذ أبا العلاء وخدعه ثم سار إليه وكبسه فانهزم من بين يديه وعاد إلى أرجان مهزوما وترددت الرسل في الصلح فتم على أن يكون لصمصام الدولة بلاد فارس وارجان ولبهاء الدولة خوزستان والعراق، وأن يكون لكل واحد منهما اقطاع في بلد صاحبه، وحلف كل واحد منهما لصاحبه، وعاد بهاء لدولة إلى الأهواز ولما سار بهاء الدولة عن بغداد ثار العيارون في جانبي بغداد ووقعت الفتن بين أهل السنة والشيعة وكثر القتل بينهم وزالت الطاعة وأحرق عدة محال ونهبت الأموال وأخربت المساكن ودام ذلك عدة شهور. وفيها قبض بهاء الدولة على وزيره أبي منصور بن صالحان واستوزر أبا نصر أبور بن اردشير قبل مسيره إلى خوزستان، وكان المدبر للدولة بهاء الدولة أبا الحسين المعلم. وفي سنة 381 قبض بهاء الدولة على الخليفة الطائع، وسبب ذلك ان الأمير بهاء الدولة قلت عنده الأموال فكثر شغب الجند فقبض على وزيره سابور فلم يغن عنه ذلك شيئا، وكان أبو الحسن بن المعلم قد غلب على بهاء الدولة وحكم في مملكته فحسن له القبض على الطائع واطمعه في ماله وهون عليه ذلك وسهله فأرسل بهاء الدولة إلى الطائع وسأله الاذن في الحضور في خدمته ليجدد العهد به فاذن له في ذلك وجلس له كما جرت العادة، فدخل بهاء الدولة ومعه جمع كثير فلما دخل قبل الأرض وأجلس على كرسي فدخل بعض الديلم كأنه يريد يقبل يدي الخليفة فجذبه فانزله عن سريره والخليفة يقول إنا لله وإنا إليه راجعون واخذ ما في دار الخليفة من الذخائر ونهب الناس بعضهم بعضا. وكان الشريف الرضي حاضرا فبادر في الخروج فسلم، وقال قصيدة من جملتها:
مرقت منها مروق النجم منكدرا * وقد تلاقت مصاريع الردى دوني أمسيت ارحم من قد كنت أغبطه * لقد تقارب بين العز والهون هيهات أغتر بالسلطان ثانية * قد ضل ولاج أبواب السلاطين