وحمل الطائع إلى دار بهاء الدولة وأشهد عليه بالخلع وذكر بهاء الدولة من يصلح للخلافة فاتفقوا على القادر بالله، وكان بالبطيحة، فأرسل إليه بهاء الدولة خواص أصحابه ليحضروه إلى بغداد ليتولى الخلافة، وشغب الديلم ببغداد ومنعوا من الخطبة، فقيل على المنبر: اللهم أصلح عبدك وخليفتك القادر بالله، ولم يذكروا اسمه، وأرضاهم بهاء الدولة، فسار القادر إلى بغداد، فلما دخل جيل انحدر بهاء الدولة والأعيان لاستقباله وبايعه بهاء الدولة والناس. وفيها أنفذ خلف بن أحمد صاحب سجستان ابنه عمرا إلى كرمان فملكها، وكانت لشرف الدولة، فلما توفي ووقع الخلف بين صمصام الدولة وبهاء الدولة انتهز الفرصة وسير ولده عمرا في عسكر فملكها، ومنها قائد يقال له تمرتاش كان قد استعمله شرف الدولة فلما وصل الخبر إلى صمصام الدولة وهو صاحب فارس جهز العساكر إلى تمرتاش مع قائد يقال له أبو جعفر، وأمره بالقبض على تمرتاش لأنه اتهمه بالميل إلى أخيه بهاء الدولة. وفيها ارسل بكجور الذي كان واليا على دمشق من قبل العزيز بالله العلوي فعزله وتوجه إلى الرقة فاستولى عليها وعلى الرحبة ففاوضه بهاء الدولة بن بويه بالانضمام إليه فلم يجبه بشئ. وفيها قبض بهاء الدولة على وزيره أبي نصر سابور بالأهواز واستوزر أبا القاسم عبد العزيز بن يوسف. وفيها أيضا قبض بهاء الدولة على أبي نصر خواشاذه وأبي عبد الله ابن طاهر بعد عوده من خوزستان، وكان سببه أن أبا نصر كان شحيحا فلم يواصل ابن المعلم بخدمه وهداياه فشرع بالقبض عليه.
وفيها كتاب أهل الرحبة إلى بهاء الدولة يطلبون انفاذ من يسلمون إليه الرحبة، فانفذ خمارتكن الحفصي إلى الرحبة فتسلمها وسار منها إلى الرقة وبها بدر غلام سعد الدولة بن حمدان فجرت بينهما وقعات فلم يظفر بها وبلغه اختلاف ببغداد فعاد فخرج عليه بعض العرب فأخذوه أسيرا، ثم افتدى منهم بمال كثير. وفيها حلف بهاء الدولة للقادر على الطاعة والقيام بشروط البيعة وحلف له القادر بالوفاء والخلوص وأشهد عليه أنه قلده ما وراء بابه. وفي اخر سنة 381 انفذ بهاء الدولة أبا جعفر الحجاج بن هرمز في عسكر كثير إلى الموصل فملكها فاجتمعت عقيل وأميرهم أبو الذواد محمد بن المسيب على حربه، فجرى بينهم عدة وقائع ظهر فيها من أبي جعفر باس شديد فهابه العرب واستمد من بهاء الدولة عسكرا فأمده في أول سنة 382 بالوزير أبي القاسم علي بن أحمد، فلما وصل إلى العسكر كتب بهاء الدولة إلى أبي جعفر بالقبض عليه فعلم أبو جعفر أنه أن قبض عليه اختلف العسكر وظفر به العرب فتراجع في امره، وكان سبب ذلك أن ابن المعلم كان عدوا له فسعى به عند بهاء الدولة، وكان بهاء الدولة أذنا وعلم الوزير الخبر فشرع في صلح أبي الذواد واخذ رهائنه والعود إلى بغداد فأشار عليه أصحابه باللحاق بأبي الذواد فلم يفعل أنفة وحسن عهد، فلما وصل إلى بغداد رأى ابن المعلم قد قبض وقتل وكفي شره فظهر عليه الانكسار فقال له خواصه: ما هذا وقد كفيت شر عدوك فقال: أن ملكا قرب رجلا كما قرب بهاء الدولة ابن المعلم ثم فعل به هذا لحقيق بان تخاف ملابسته، وكان بهاء الدولة قد ارسل الشريف أبا احمد الموسوي إلى أبي الذواد فاسره العرب ثم اطلقوه. وفيها في رجب سلم بهاء الدولة الطائع لله إلى القادر بالله فأكرمه وأقام عنده إلى أن توفي. وفيها قبض بهاء الدولة على أبي الحسن بن المعلم، وكان قد استولى على الأمور كلها وخدمه الناس حتى الوزراء، فأساء السيرة فشغب الجند وطلبوا تسليمه إليهم فراجعهم بهاء الدولة ووعدهم كف يده عنهم فلم يقبلوا فقبض عليه وعلى أصحابه فلم يرجعوا فسلمه إليهم فقتلوه. وفيها قبض بهاء الدولة على وزيره أبي القاسم علي ابن احمد لأنه اتهمه بمكاتبة الجند في أمر ابن المعلم واستوزر أبا نصر بن سابور وأبا منصور بن صالحان جمع بينهما في الوزارة. وفي سنة 383 ملك صمصام الدولة خوزستان وكان سبب نقض الصلح أن بهاء الدولة سير أبا العلاء عبد الله بن الفضل إلى الأهواز وتقدم إليه بأنه يكون مستعدا لقصد بلاد فارس واعلمه انه يسير إليه العساكر متفرقين فإذا اجتمعوا عنده سار بهم إلى بلاد فارس بغتة فلا يشعر صمصام الدولة الا وهم معه في بلاده فسار أبو العلاء ولم يتهيأ لبهاء الدولة امداده بالعساكر وظهر الخبر فجهز صمصام الدولة عسكره وسيرهم إلى خوزستان، وكتب أبو العلاء إلى بهاء الدولة بالخبر فسير إليه عسكرا كثيرا ووصلت عساكر فارس لقيهم أبو العلاء فانهزم هو وأصحابه وأخذ أسيرا إلى صمصام الدولة فاعتقله بعد ما شهره ولما سمع بهاء الدولة بذلك أزعجه واقلقه، وكانت خزائنه قد خلت من الأموال، فأرسل، وزيره أبا نصر بن سابور إلى واسط ليحصل ما امكنه وأعطاه رهونا من الجواهر والأعلاق النفيسة ليقترض عليها. وفيها كثر شغب الديلم على بهاء الدولة ونهبوا دار الوزير أبي نصر بن سابور واختفى منهم واستعفى ابن صالحان من الانفراد بالوزارة فاعفي، واستوزر أبا القاسم علي بن أحمد ثم هرب وعاد سابور إلى الوزارة بعد أن أصلح الديلم. وفيها عقد النكاح للقادر على بنت بهاء الدولة بصداق مبلغه مائة ألف دينار وكان العقد بحضرته والولي النقيب أبو أحمد الحسين بن موسى والد الرضي، وماتت قبل النقلة. وفي سنة 384 انفذ بهاء الدولة عسكرا إلى الأهواز عدتهم 700 رجل وقدم عليهم طغان التركي فلما بلغوا السوس رحل عنها أصحاب صمصام الدولة فدخلها عسكر بهاء الدولة وكان أكثرهم من الترك. وتوجه صمصام الدولة إلى الأهواز ومعه عساكر الديلم وتميم وأسد فلما بلغ تستر رحل ليلا ليكبس الأتراك من عسكر بهاء الدولة فضل الأدلاء في الطريق، فأصبح على بعد منهم ورأى طلائع الأتراك فعادوا بالخبر فحذروا واجتمعوا واصطفوا وجعل طغان كمينا فلما التقوا خرج الكمين على الديلم، فكانت الهزيمة واستامن منهم أكثر من ألفي رجل وضرب لهم طغان خيما يسكنونها، فاجتمع الأتراك وقالوا هؤلاء أكثر من عدتنا ونخاف أن يثوروا بنا، والرأي أن نقتلهم فلم يشعر الديلم الا وقد ألقيت الخيام عليهم ووقع الأتراك فيهم بالعمد فقتلوا كلهم وورد الخبر على بهاء الدولة وهو بواسط قد اقترض مالا من مهذب الدولة فسار إلى الأهواز وكان طغان والأتراك قد ملكوها قبل وصوله، واما صمصام الدولة فإنه لبس السواد وسار إلى شيراز فغيرت والدته ما عليه من السواد وأقام يتجهز للعود إلى أخيه بهاء الدولة بخوزستان. وفيها عقد النكاح لمهذب الدولة، وكان الصداق من كل جانب مائة ألف دينار. وفيها قبض بهاء الدولة على أبي نصر خواشاذه ثم هرب في سنة 385 إلى البطائح وكاتبه بهاء الدولة وفخر الدولة وصمصام الدولة وبدر بن حسنويه كل منهم يستدعيه ويبذل ما يريده. فعزم على قصد فخر الدولة فمات قبل ذلك. وفي سنة 385 جهز صمصام الدولة عسكره من الديلم وردهم إلى الأهواز مع العلاء بن الحسن واتضح أن طغان نائب بهاء الدولة بالأهواز توفي وعزم من معه من الأتراك على العود إلى بغداد، وكتب من هناك إلى بهاء الدولة بالخبر، فاقلقه ذلك وازعجه فسير أبا كاليجار المرزبان بن شهفيروز إلى الأهواز نائبا عنه، وانفذ أبا محمد الحسن بن مكرم إلى الفتكين، وهو برام هرمز قد عاد من بين يدي عسكر صمصام الدولة إليها يأمره بالمقام بموضعه فلم يفعل وعاد إلى الأهواز فكتب