كتب على لوح قبره ما يلي:
هذا قبر عضد الدولة وتاج الملة أبي شجاع بن ركن الدولة أحب مجاورة هذا الامام المعصوم لطمعه في الخلاص يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وصلواته على محمد ص وعترته الطيبين.
وقد بني على قبر عضد الدولة الواقع من جهة الغرب من مشهد الامام ع قبة عظيمة بقيت حتى هدمها السلطان سليمان العثماني لما دخل العراق سنة 940 وجعلها تكية للبكتاشية وهي باقية حتى الآن على هذا الشكل وبابها في الجهة الغربية من الصحن الشريف.
وقد ذكر بعض الثقات المعمرين أنه ظهر للعيان حوالي سنة 1315 أو 1316 قبر عضد الدولة عند قلع رخام الأرض وعلى صخرة منقوش عليها آية وكلبهم باسط ذراعيه بالوحيد ومرسوم بعد ذلك اسم فناخسرو عضد الدولة وهي الصخرة التي كان قد أوصى أن تنحت على قبره.
أما مدة حكمه في إمارته وسلطنته كلها منذ توليه إمارة شيراز فهي 34 سنة، ومدة حكمه في العراق بلغت الخمسة الأعوام والنصف.
ومما يذكر أنه لما توفي عضد الدولة جلس ابنه صمصام الدولة أبو كاليجار للعزاء فاتاه الخليفة الطائع لله معزيا ولما بلغ خبر وفاته بعض العلماء وهو سليمان السجستاني وعنده جماعة من أعيان الفضلاء كالقومسي والنوشجاني والقاسم غلام زحل وابن المقداد والعروضي والأندلسي والصيمري، تذاكروا الكلمات العشر التي قالها الحكماء العشرة عند وفاة الإسكندر.
ويروي أنه لما توفي عضد الدولة قبض على نائبه أبي الريان من الغد فاخذ من فمه رقعة فيها:
أيا واثقا بالدهر عند انصرافه * رويدك إني بالزمان أخو خبر ويا شامتا مهلا فكم ذي شماتة * تكون له العقبى بقاصمة الظهر فلما وقف عبد الله بن سعدان على الرقعة قال لحاجبه امض وسله عنها ففعل فقال: هذه رقعة أنفذها أبو الوفاء طاهر بن محمد إلي عند القبض عليه ولست أحسن قول الشعر.
أولاده خلف عضد الدولة ثلاثة أولاد هم:
1 صمصام الدولة أبو كاليجار.
2 شرف الدولة.
3 بهاء الدولة.
وقام هؤلاء الثلاثة بعد عضد الدولة بإدارة شؤون الدولة ببغداد لكنهم لم يقوموا بأعباء الحكم كما قام به والدهم فبدأت تظهر الفتن في بغداد والعراق على أثر تنافس الإخوة الثلاثة للاستحواذ على أمر المملكة. وهكذا تدهورت الأحوال بعد عضد الدولة في العراق وأخذت قوة الدولة البويهية تنحط نتيجة للحروب التي دامت بين الإخوة الثلاثة وسوء الحكم. وامتد ذلك إلى سائر البلدان الاسلامية.
ملحق بهذه الترجمة وممن أشار إلى عضد الدولة، الثعالبي في كتابه يتيمة الدهر من محاسن أهل العصر، حيث قال عنه في الجزء الثاني منه:
عضد الدولة أبو شجاع فناخسرو ابن ركن الدولة كان على ما كان له في الأرض، وجعل إليه من أزمة البسط والقبض وخص به من رفعة الشأن وأوتي من سعة السلطان يتفرع للأدب، ويتشاغل بالكتب ويؤثر مجالسة الأدباء على منادمة الامراء ويقول شعرا كثيرا يخرج منه ما هو من شرط هذا الكتاب من الملح والنكت. وما أدري كم فصل بارع ووصف رائع قرأته للصاحب (1) في وصف عضد الدولة.
فمن ذلك واما قصيدة مولانا فقد جاءت ومعها عزة الملك وعليها رواء الصدق وفيها سيما العلم وعندها لسان المجد ولها صيال الحق.
ومنه لا غرو إذا فاض بحر العلم على لسان الشعر ان ينتج ما لا عين وقعت على مثله ولا أذن سمعت بشبهه.
ومنه لو استحق شعران يعبد لعذوبة مناهله وجلالة قائلة لكانت قصيدته هي الا اني اتخذتها عند امتناع ذلك قبلة أوجه إليها صلوات التعظيم واقف عليها طواف الاجلال والتكريم.
ومنه شعر قد حبس خدمته على فكره ووقف كيف شاء على امره فهو يكتب في غرة الدهر ويشرخ جبهتي الشمس والبدر.
ثم من أراد ان ينظر في اخبار عضد الدولة ويقف على محاسن آثاره فليتأمل الكتاب التاجي من تاليف أبي إسحاق الصابي لتجتمع له مع الإحاطة بها بلاغة من تسهل له حزونها ولا ينته متونها واطاعته عيونها.
حدثني أبو بكر الخوارزمي قال كان ينادم عضد الدولة بعض الأدباء الظرفاء ويحاضر بالأوصاف والتشبيهات ولا يحضر شئ من الطعام والشراب وآلاتهما وغيرها، الا وانشد فيه لنفسه أو لغيره شعرا حسنا. فبينما هو ذات يوم معه على المائدة ينشد كعادته إذ قدمت له بهطة فنظر عضد الدولة كالأمر إياه بان يصفها فارتج عليه، وغلبه سكوت معه خجل فارتجل عضد الدولة وقال من السريع بهطة (2) تعجز عن وصفها * يا مدعي الأوصاف بالزور كأنها في الجام مجلوة * لآلئ في ماء كافور وأنشدني محمد بن عمر الزاهر قال أنشدني أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف. قال أنشدني عضد الدولة لنفسه في أبي تغلب عند اعتذاره إليه من معاودة بختيار عليه والتماسه كتاب الأمان منه من الكامل (3).
أ أفاق حين وطئت ضيق خناقه * يبغي الأمان وكان يبغي صارما فلأركبن عزيمة عضدية * تاجية تدع الأنوف رواغما