مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ١٥٩
بحيث يعد صمام أمان للسلطان، وإنما هو شد للناس إلى رؤية واقع مرير، وانهاضهم كي يلمسوا ما صارت إليه أمورهم. ولنلاحظ قبل أن نرى عرضه لواقع الحال، هذا التساؤل الممتد المتعجب في البيت الأول. والذي يأخذ مداه ومعناه في المقابلة بين (عم متأمل) وبين (مدبر ومقبل) دون أن ننسى هذا الايضاح، بعد الإساءة، لتبيان مدى فظاعة هذا الادبار.
يعرض الكميت الوضع الذي يدعو إلى الثورة ويناقش مسألة على غاية من الأهمية، وحسمها ضروري للخروج على السلطان، وأعني بها أن يصل المرء إلى درجة من الاقتناع بالأمر ومن التبني له تدفعه لأن يضحي بحياته من اجله.
ويعود الكميت إلى هذه المسألة مرة أخرى في آخر القصيدة، ويرى الباحثون في موقفه هذا وقوفا منه عند حد التأييد دون المخاطرة ببذل النفس ويرون أنه قاله عند خروج زيد. والواقع أن القصيدة نظمت قبل خروج زيد بمدة طويلة.
وان التطرق إلى هذه القضية كان في نطاق مناقشة أمر مهم جدا وحسمه ضروري من أجل نجاح الثورة.
لاحظ الكميت أن قلوب الناس مع آل البيت ولكنهم يخافون السيف فعرض للأمر في أوائل القصيدة مؤكدا أن حياة كالتي تعاش ليست بذات قيمة:
وعطلت الأحكام حتى كأننا * على ملة غير التي نتنحل ... رضينا بدنيا لا نريد فراقها * على أننا فيها نموت ونقتل ونحن بها مستمسكون كأنها * لنا جنة مما نخاف ومعقل أرانا على حب الحياة وطولها * يجد بنا في كل يوم ونهزل فتلك أمور الناس أضحت كأنها * أمور مضيع آثر النوم بهل ثم يعود إليه في أواخر القصيدة، وكأنه يريد أن يقطف الثمرة التي انضج، وهنا يتحدث عن الناس، ولكن بلسانه، بحيث يصل ومتلقيه إلى:
فيا رب عجل ما يؤمل فيهم * ليدفأ مقرور ويشبع مرمل وينفذ في راض مقر بحكمه وفي ساخط منا الكتاب المعطل - فإنهم للناس... غيوث حيا، أكف ندى... عرى ثقة... مصابيح تهدي.. ولكن كيف يتم التعجيل؟ ويجيب:
لهم من هواي الصفو ما عشت خالصا ومن شعري المخزون والمتنخل...
تجود لهم نفسي بما دون وثبة تظل بها الغربان حولي تحجل لا يزال الشاعر يعالج هذه المسألة، مسألة بذل النفس، ويقول بلسانه ولسان الآخرين أنه يضحي بكل شئ إلا بالحياة. أنه من هذا الموقف ينفذ إلى الموقف الذي يريد أن يصل إليه، فقد أوصل المتلقي إلى تمنيهم وإلى تأييدهم، ثم ينطلق به، ليصل معه إلى حيث لا يقف التأييد عند حدود ولهذا يكمل، وهنا يصبح الحديث مع النفس.
وقلت لها بيعي من العيش فانيا... أتتني بتعليل ومنتني المنى... وقد يقبل الأمنية المتعلل... ".
ثم يحسم الأمر وهذا ما يريد الوصول إليه:
وإن أبلغ القصوى أخض غمراتها * إذا كره الموت اليراع المهلل إذا، عندما يجب " يخض غمراتها "، رغم ما يظهره من مداراة وتقية:
ويضحي أناة والتقيات منهم * أداجي على الداء المريب وأدمل...
هذا هو الموقف الذي يريد الكميت ايصال متلقيه إليه، التهيؤ للخروج باقتناع كامل وبذل مطلق، عندما تبلغ الأمور الدرجة القصوى. ونحن أن كنا نريد الحكم للكميت، أو الحكم عليه، لا يجب أن نقتطع بيتا ونقول هذا يمثل موقف الكميت من القضية... معتقدين أن البيت يمثل الوحدة في القصيدة العربية. وهذه الرؤية التي تحاكم القصيدة كأبيات منطلقة من ترداد غير مستند إلى قراءة في التراث مخطئة. وقد بينا هذا لدى حديثنا عن قصيدة المديح والنقيضة وقصيدة الغزل ونعيد هنا فنقول: يجب أن ننظر برؤية شاملة إلى القصيدة كوحدة متكاملة، والموقف يؤخذ منها كاملة وإن كان من وجود مستقل للبيت، فهو وجود آخر يختلف عن ذلك الذي يندرج في اطار القصيدة. وهو ما يراه النقاد في وجود اجزاء القصيدة الحديثة: فلم يرون رؤيتين! لعله الكسل وترديد ما اتبع وقيل. ولهذا ما كان ممكنا للشاعر أن يصل ومتلقيه إلى النتيجة التي رأينا دون أن يناقش الساسة مسائلهم، إضافة إلى ما بدأ به من ايقاظ لرؤية واقع. يقول الكميت:
فيا ساسة هاتوا لنا من حديثكم * ففيكم لعمري ذو أفانين مقول أأهل كتاب نحن فيه وأنتم * على الحق نقضي بالكتاب ونعدل يقود هذا التساؤل إلى عرض يبلغ فيه الذروة في استخدام الوسائل الفنية، يكثف السؤال ويعرض صورتين متقابلتين:
فكيف ومن انى وإذ نحن خلفة * فريقان شتى تسمنون، ونهزل؟
من يقرأ: " فكيف ومن أنى وإذ " و " تسمنون ونهزل "! مفردة يحكم حكما مخالفا لحكمه لو قرأها في إطارها، إنها ليست صناعة، ولكنها حشد لوسائل توصل إلى الغرض. وهذا هو الفرق بين أن تكون الوسائل في خدمة الشاعر وبين أن يكون الشاعر في خدمتها.
ثم يفصل عارضا صورة توضح حقيقة ما هم عليه:
برينا كبري القدح أوهن متنه * من القوم لأشار ولا متنبل، ولنلاحظ هذه السخرية المستخدمة الفاظا غريبة وكأن هذه الألفاظ الغريبة صورة كاريكاتورية مبرزة:
ولاية سلغد ألف كأنه * من الرهق المخلوط بالنوك أثول كأن كتاب الله يعنى بأمره * وبالنهي فيه الكودني المركل ألم يتدبر آية فتدله * على ترك ما يأتي أم القلب مقفل وينتقل الشاعر إلى الهجوم المباشر مستخدما أيضا وسائل كالتكرار " فحتى م حتى م، أيتموا وأثكلوا، خبال مخبل " وكالاستفادة من الأمثلة العربية " كلبة حومل... كانت تربطها صاحبتها في الليل لتحرسها وتطردها في النهار، وكنار الحالفين التي كان يضاف إليها الملح "...
فتلك ملوك السوء قد طال ملكهم * فحتى م حتى م العناء المطول رضوا بفعال السوء من أمر دينهم * فقد أيتموا طورا عداء وأثكلوا كما رضيت بخلا وسوء ولاية * لكلبتها في أول الدهر حومل نباحا إذا ما الليل اظلم دونها * وضربا وتجويعا.. خبال مخبل
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301