عجائب الآثار - الجبرتي - ج ١ - الصفحة ١٨
[سفيان الثوري صنفان إذا صلحا صلحت الأمة وإذا فسدا فسدت الأمة الملوك والعلماء والملك العادل هو الذي يقضي بكتاب الله عز وجل ويشفق على الرعية شفقة الرجل على أهله] روى ابن يسار عن أبيه أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أيما وال ولي من أمر أمتي شيئا فلم ينصح لهم ويجتهد كنصيحته وجهده لنفسه كبه الله على وجهه يوم القيامة في النار الرابع أوساط الناس يراعون العدل في معاملاتهم وأروش جناياتهم بالانصاف فهم يكافؤون الحسنة بالحسنة والسيئة بمثلها الخامس القائمون بسياسة نفوسهم وتعديل قواهم وضبط جوارحهم وانخراطهم في سلك العدول لان كل فرد من افراد الانسان مسؤول عن رعاية رعيته التي هي جوارحه وقواه كما ورد كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته كما قيل صاحب الدار مسؤول عن أهل بيته وحاشيته ولا تؤثر عدالة الشخص في غيره ما لم تؤثر أولا في نفسها إذ التأثير في البعيد قبل القريب بعيد وقوله تعالى * (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) * دليل على ذلك والانسان متصف بالخلافة لقوله تعالى * (ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون) * ولا تصح خلافة الله الا بطهارة النفس كما أن اشرف العبادات لا تصح الا بطهارة الجسم فما أقبح بالمرء ان يكون حسن جسمه باعتبار قبح نفسه كما قال حكيم لجاهل صبيح الوجه اما البيت فحسن واما ساكنه فقبيح وطهارة النفس شرط في صحة الخلافة وكمال العبادة ولا يصح نجس النفس لخلافة الله تعالى ولا يكمل لعبادته وعمارة ارضه الا من كان طاهر النفس قد أزيل رجسه ونجسه فللنفس نجاسة كما أن للبدن نجاسة فنجاسة البدن يمكن ادراكها بالبصر ونجاسة النفس لا تدرك الا بالبصيرة كما أشار له بقوله تعالى * (إنما المشركون نجس) * فان الخلافة هي الطاعة والاقتدار على قدر
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»