عجائب الآثار - الجبرتي - ج ١ - الصفحة ٢٠
توضيح اعلم أن الانسان من حيث الصورة التخطيطية كصورة في جدار وانما فضيلته بالنطق والعلم ولهذا قيل ما الانسان لولا اللسان الا بهمة مهملة أو صورة فبقوة العلم والنطق والفهم يضارع الملك وبقوة الأكل والشرب والشهوة والنكاح والغضب يشبه الحيوان فمن صرف همته كلها إلى تربية القوة الفكرية بالعلم والعمل فقد لحق بأفق الملك فيسمى ملكا وربانيا كما قال تعالى * (إن هذا إلا ملك كريم) * ومن صرف همته كلها إلى تربية القوة الشهوانية باتباع اللذات البدنية يأكل كما تأكل الانعام فحقيق ان يلحق بالبهائم اما غمرا كثور أو شرها كخنزير أو عقور ككلب أو حقودا كجمل أو متكبرا كنمر أو ذا حيلة ومكر كالثحلب أو يجمع ذلك كله فيصير كشيطان مريد والى ذلك الإشارة بقوله تعالى * (وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت) * وقد يكون كثير من الناس من صورته صورة انسان وليس هو في الحقيقة الا كبعض الحيوان قال الله تعالى * (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل) * * مثل لبهائم جهلا جل خالقهم * لهم تصاوير لم يقرن بهن جحا *
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»