عجائب الآثار - الجبرتي - ج ١ - الصفحة ١٧
العظمى واشتغل بظلمه وهواه يخاف عليه بان يجعله الله من جملة أعدائه وتعرض إلى أشد العذاب كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن أحب الناس إلى الله تعالى يوم القيامة وأقربهم منه امام عادل وأن أبغض الناس إلى الله تعالى وأشدهم عذابا يوم القيامة امام جائر فمن عدل في حكمه وكف عن ظلمه نصره الحق واطاعه الخلق وصفت له النعمى وأقبلت عليه الدنيا فتهنأ بالعيش واستغنى عن الجيش وملك القلوب وأمن الحروب وصارت طاعته فرضا وظلت رعيته جندا لان الله تعالى ما خلق شيئا أحلى مذاقا من العدل ولا أروح إلى القلوب من الانصاف ولا امر من الجور ولا أشنع من الظلم فالواجب على الملك وعلى ولاة الأمور ان لا يقطع في باب العدل الا بالكتاب والسنة لأنه يتصرف في ملك الله وعباد الله بشريعة نبيه ورسوله نيابة عن تلك الحضرة ومستخلفا عن ذلك الجناب المقدس ولا يأمن من سطوات ربه وقهره فيما يخالف امره فينبغي ان يحترز عن الجور والمخالفة والظلم والجهل فإنه أحوج الناس إلى معرفة العلم واتباع الكتاب والسنة وحفظ قانون الشرع والعدالة فإنه منتصب لمصالح العباد واصلاح البلاد وملتزم بفصل خصوماتهم وقطع النزاع بينهم وهو حامي الشريعة بالاسلام فلا بد من معرفة احكامها والعلم بحلالها وحرامها ليتوصل بذلك إلى ابراء ذمته وضبط مملكته وحفظ رعيته فيجتمع له مصلحة دينه ودنياه وتمتلىء القلوب بمحبته والدعاء له فيكون ذلك أقوم لعمود ملكه وأدوم لبقائه وأبلغ الأشياء في حفظ المملكة العدل والانصاف على الرعية وقيل لحكيم أيما أفضل العدل أم الشجاعة فقال من عدل استغنى عن الشجاعة لان العدل أقوى جيش وأهنأ عيش وقال الفضيل بن عياض النظر إلى وجه الإمام العادل عبادة وان المقسطين عند الله على منابر من نور يوم القيامة عن يمين الرحمن قال
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»