للكفار أيضا، مع أن الخطاب الخصوصي إلى الكفار المعلومي الطغيان من أقبح المستهجنات، بل غير ممكن لغرض الانبعاث، فلو كان حكم الخطاب العام كالجزئي فلا بد من الالتزام بتقييد الخطابات بغيرهم، وهو كما ترى.
وكذا الحال في الجاهل والغافل والنائم وغيرهم مما لا يعقل تخصيصهم بالحكم، ولا يمكن توجه الخطاب الخصوصي إليهم، وإذا صح في مورد فليصح فيما هو مشترك معه في المناط، فيصح الخطاب العمومي لعامة الناس من غير تقييد بالقادر، فيعم جميعهم، وإن كان العاجز والجاهل والناسي والغافل وأمثالهم معذورين في مخالفته، فمخالفة الحكم الفعلي قد تكون لعذر كما ذكر، وقد لا تكون كذلك.
والسر فيما ذكرنا: هو أن الخطابات العامة لا ينحل كل [منها] إلى خطابات بعدد نفوس المكلفين، بحيث يكون لكل منهم خطاب متوجه إليه بالخصوص، بل يكون الخطاب العمومي خطابا واحدا يخاطب به العموم، وبه يفترق عن الخطاب الخصوصي في كثير من الموارد.
هذا، مضافا إلى أن الإرادة التشريعية ليست إرادة إتيان المكلف وانبعاثه نحو العمل، وإلا يلزم في الإرادة الإلهية عدم انفكاكها عنه و عدم إمكان العصيان، بل هي عبارة عن إرادة التقنين والجعل على نحو العموم، وفي مثله يراعى الصحة بملاحظة الجعل العمومي القانوني، ومعلوم أنه لا تتوقف صحته على صحة الانبعاث بالنسبة إلى كل الافراد، كما يظهر