الأصول الأصيلة - الفيض القاساني - الصفحة ٦٠
يدل على أن الثقة إذا روى عن أحد فلا يروى عنه الا إذا ظهر له دليل على صحته، أو رآه في أصله المروى عنه، أو سمعه عن ثقة يروى عن ذلك الأصل، وكذا حرصهم على ضبط الخصوصيات والجزئيات من الألفاظ وغيرها دليل على عدم اعتمادهم على غير المقطوع بصحته وهذه الوجوه، وان كان كل واحد منها مما يمكن الخدش فيه الا ان لاجتماعها قوة يحصل بها ظن قوى بصحة هذه الأخبار التي رواها الثقات وان ضعف الطريق في الوسط خصوصا ما في الكتب الأربعة وهي متواترة بالنسبة إلى مؤلفيها وهذا يفيد القطع الاجمالي بمضمونها، والقطع التفصيلي بخصوصياتها يحصل بالقرائن الحالية وربما اعترفوا به أنفسهم فان رئيس الطائفة صرح في العدة بان ما أورده في كتب الاخبار انما اخذه من الأصول المعتمد عليها كما قال الفاضل، وقال الصدوق في أول الفقيه (1): لم - اقصد فيه قصد المصنفين في ايراد جميع ما رووه بل قصدت إلى ايراد ما أفتى به وأحكم بصحته وأعتقد فيه انه حجة فيما بيني وبين ربي تقدس ذكره، وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول وإليها المرجع. وقال ثقة الاسلام في أول الكافي (2) في جواب من التمس عنه التصنيف: وقلت: انك تحب ان يكون عندك كتاب كاف يجمع من جميع فنون علم الدين ما يكتفى به المتعلم ويرجع إليه المسترشد ويأخذ منه من يريد علم الدين والعلم به الآثار الصحيحة عن الصادقين والسنن القائمة التي عليها العمل وبها تؤدى فرائض الله عز وجل وسنة نبيه (إلى أن قال): وقد يسر الله وله الحمد تأليف ما سألت وأرجو ان يكون بحيث توخيت (انتهى كلامه). ولهذا ذهب جماعة بالاكتفاء في تصحيح الاخبار والقدح فيها على ما ذكره أصحابنا ودونوها في كتبهم وسيما المتقدمين. قال بعض المحققين (3): فلم يبق لاحد ممن تأخر عنهم في البحث والتفتيش الا الاطلاع على ما قرروه

1 - راجع مقدمة من لا يحضره الفقيه.
2 - راجع مقدمة الكافي.
3 - كأن المراد به الشهيد الثاني (وكأن الكلام في شرح درايته انظر ص 79 من النسخة المطبوعة) أو المحقق الداماد رحمة الله عليهما.
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»