الأصول الأصيلة - الفيض القاساني - الصفحة ٤٩
فصل قال بعض الفضلاء بعد نقل حديث الثقلين: (1) ومعنى الحديث الشريف كما يستفاد من الأخبار المتواترة انه يجب التمسك بكلامهم عليهم السلام إذ حينئذ يتحقق التمسك بمجموع الامرين، والسر فيه انه لا سبيل إلى فهم - مراد الله الا من جهتهم (ع) لأنهم عارفون بناسخه ومنسوخه، والباقي منه على الاطلاق والمؤول وغير ذلك دون غيرهم خصهم الله تعالى والنبي (ص) بذلك.
أقول: قد عرفت ان ذلك مخصوص بالمتشابهات دون المحكمات، والا لم يصح لنا الانتفاع بالقرآن أصلا بل ولا كل المتشابهات بل بعضها وعلى بعض الوجوه، أو بالنسبة إلى جمهور الرعية دون الكاملين مهم والا لفات أكثر فوائد القرآن، ولتناقضت أكثر - الأخبار الواردة في ذلك. وأيضا انما يصح ما قاله بالنسبة إلى زمان حضورهم عليهم - السلام خاصة واما مع غيبتهم عليهم السلام كهذا الزمان فلا سبيل لنا إلى فهم القرآن الا من جهتهم (ع) الا على الظن والتخمين فان كلامهم أيضا كالقرآن منه عام وخاص ومجمل ومبين ومطلق ومقيد إلى غير ذلك مع أنه لا يفي بالكل، وثبوته عنهم (ع) أيضا ظني فالانتفاع بكل من الثقلين حينئذ في درجة واحدة ليس بالعترة أكثر منه من القرآن بل كاد يكون الامر بالعكس.

١ - المراد من هذا البعض هو الأمين الاسترآبادي (ره) فإنه قال في الفوائد المدنية عند استلاله على انحصار مدرك ما ليس من ضروريات الدين أصليا كان أو فرعيا في السماع عن الصادقين عليهم السلام: " الدليل الثاني: الحديث المتواتر بين الفريقين - اني تارك فيكم الثقلين ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا على الحوض، ومعنى الحديث " (انظر ص 128).
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»